الواقعة على نهر الساؤون، واستولى على أوتون وبون، وعاث في أراضي برجونيه الجنوبية؛ والمرجح لدينا أن مدينة (ماسون) التي غزاها الهيثم، إنما هي (منوسة) التي يذكرها ابن عذارى، حرفت بالعربية بطريق التقديم والتأخير في الأحرف.
هذا، وهنالك رواية نصرانية أوردها ماريانا المؤرخ الأسباني الكبير؛ فقد ذكر أن (منوزا) كان نصرانياً، أختاره المسلمون لحكم المنطقة الواقعة في غرب البرنيه، ولكنه كان صارماً شديد الوطأة يسوم النصارى سوء الخف؛ وأنه كان للدون بلاجيوس زعيم جليقة القوطي أخت بارعة الحسن، شغف بها منوزا حباً؛ ولكن بلاجيوس لم يوافق على زواجها منه، فاحتال منوزا، وبعثه في مهمة إلى قرطبة؛ وأسر الأميرة أثناء غيبته وتزوج منها قسراً. فأسر بلاجيوس وأخته هذه الإهانة، ولبثا يرقبان الفرص، حتى استطاعت الأميرة فراراً من أسرها، وسارت مع أخيها إلى جبال جليقة حيث أعتصم بلاجيوس مع أنصارهن وأعلن الخروج والثورة. فأخطر منوزا حكومة قرطبة؛ فأرسلت حملة لتأديب الثائر بقيادة (علقمة)؛ ولكن بلاجيوس استطاع مع أنصاره القلائل أن يعتصم بشعب الجبال. فارتد المسلمون منهزمين، وقتل علقمة؛ وارتاع منوزا لفوز خصمه، وخشي انتقام مواطنيه، فحاول الفرار إلى الجنوب، ولكن وقع في يد شرذمة من الفلاحين النصارى فقتلته؛ ويضع سريانا تاريخ هذه الحوادث في سنة ٧١٨م.
ولكن رواية ماريانا هذه ظاهرة الضعف؛ أولاً لأنه ليس بمعقول أن تعهد حكومة الأندلس المسلمة بحكم ولاية من ولاياتها إلى زعيم نصراني؛ وثانياً لأن هذه الرواية تخالف في مجموع تفاصيلها كل ما كتبته الرواية المعاصرة عن شخصية منوزا، وعن مصاهرته لدوق أكوتين؛ وثالثاً لأن تاريخ هذه الحوادث متأخر عن التاريخ الذي يعينه ماريانا بنحو عشرة أعوام.
وعنئذ يبقى أمامنا فرض واحد يمكن التعويل عليه في تعيين شخصية منوزا. فهو زعيم مسلم بلا ريب؛ ولكنه شخص آخر غير (ابن أبي نسعة) أمير الأندلس كما أوضحنا. ومن المعقول جداً، أن يكون، كما تصفه الرواية النصرانية المعاصرة، من زعماء البربر الذين دخلوا الأندلس وقت الفتح؛ وقد حرفت الرواية الفرنجية اسمه إلى هذا الوضع، وهنالك في ظروف الأندلس عقب الفتح، وفي عوامل الخصومة التي نشبت بين العرب والبربر، وفي