للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أصيل وإن كان عنده مثله. فالرغبة في حيازة كل فضل، واليأس من تحقيق تلك الرغبة، ينشئان الحسد في صدره كما ينشأ في صدر المحروم.

وقلما يحسد أشباه العامة ذا العبقرية قدر حسد العلماء أو المتعلمين أو الحفاظ المجتهدين له، فمن أخذ بنصيب من العلم قل أو كثر أحس فقدانه العقل الموروث إذا كان قد حرم صفاته فييأس منها مهما غالط نفسه وادعاها لها. فالمغالطة والحنق الناشئ من اليأس قد يتفق وجودهما في وقت واحد. والعامة إذا أبغضوا ذوي العبقرية كان بغضهم بسبب جلب العبقريين لغير المألوف من المعاني في بعض الأحايين وبسبب قلة فهم العامة، وما ينشأ عنها من الغيظ والخوف والمقت، فيستثمر الحسود المتعلم هذه الصفات فيهم كوسائل لإشباع حسده؛ وقد يستثمرها كي يصرف نفوسهم عن أن يحسدوه على جاه أو مال أو كي يزكي نفسه بمعاونتهم فيما يحس من ضعف وجبن نشأ من اليأس والعجز عن الأمر المحسود الذي لا يستطاع نيله لأنه استعداد موروث.

عبد الرحمن شكري

<<  <  ج:
ص:  >  >>