وكان لسنج يبغض الأدب الفرنسي ويبغض الأدباء الفرنسيين وفي مقدمتهم فولتير؛ وأكبر الظن أنه كان يصدر عن عصبية ووطنية صارخة لما كان بين الدولتين من منافسات وثارات. ولم يبرح يكتب ويكتب، ولم يبرح المسرح يجتذبه إليه، فعكف أول الأمر ينقد الدرامات الفرنسية التي كانت تكتسح المسرح الألماني، ويظهر الناس على ما فيها من ليونة لا تتفق والقوة التي تنشدها ألمانيا. ولم يقف عند الكتابة في الصحف والمجلات، بل ألف كتابه القيم (تاريخ المسرح) وأصدره سنة ١٧٥٠، وهو كتاب خطير حسن يلفت فيه لسنج أنظار قومه بشدة إلى روائع المسرح الإغريقي، ويقفهم به على أحسن ما جادت به قرائح إسخيلوس وسوفوكليس ويوريبيدز وأرسطوفان. ثم يدعوهم به إلى الأيمان باليونان والكفر بفرنسا. وكان هذا الكتاب أول محاولة صادقة لإحياء الدراما الكلاسيكية، وقد هرع إليه أدباء ألمانيا فتخذوا منه إنجيلا يبشر بأدب جديد؛ وافتتن به جوته فبشر به؛ وجعله شيللر ناموسه الأكبر إلى أدب المجد والخلود.
وكان لسنج يعجب أيما إعجاب بشكسبير، فدأب على الدعوة له في ألمانيا حتى أفلح أخيراً في صرف الشباب الألماني إليه. وقد حفظ له الإنكليز هذا الجميل فنقلوا إلى لغتهم كل ما كان يكتب ويؤلف.
وقد تمت هزيمة الاتجاه الفرنسي في ألمانيا حينما أصدر لسنج مأساته الخالدة (الآنسة سارة سامبسون) سنة ١٧٥٥ التي كانت بحق أولى ثمار الأدب القومي الألماني المستقل. وبعد هذه الدرامة فرغ لسنج للنقد فأرشد ألمانيا كلها لما فيه خيرها ولما فيه صلاح نهضتها.
وفي سنة ١٧٦٦ أصدر لسنج قصته البارعة (لاوكون) التي أتفق كل مؤرخي الآداب على أنها أعظم نتاج أدبي صدر في القرن الثامن عشر بطوله. والقصة تدور على حوادث النبي الطراودي لاوكون الذي وعظ قومه آلا يقربوا الحصان الخشبي وألا يدخلوه إلى مدينتهم لأنه سيكون شراً عليهم. ولقد لخصت (الرسالة) هذه الحادثة في باب القصص في آخر حروب طراودة. وبحسب هذه القصة أن يقول فيها جوته:(يجب أن نرتد طفرة إلى ميعة الشباب وحرارته كي ندرك حقيقة الأثر العميق الذي تركه فينا لسنج بقصته العبقرية (لاوكون) الذي انتشلتنا من صفوف المتفرجين التاعسين البلداء إلى صفوف المفكرين