للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يزوره في منزله كأعز ضيف عليه. ولقد حاول هازلت مرة أن يهجر الأدب إلى الفنون، وشغف فعلاً بالتصوير والرسم ولكنه فشل، فحطم ريشته وامتشق براعته، وكان ذلك من حسن حظ الأدب.

وما كاد هازلت ينشر فصوله الأولى في النقد في إحدى المجلات حتى استرعى انتباه الدوائر الأدبية العليا. وحتى دعته مؤسسة رسل لإلقاء بضع محاضرات في (نشوء وترقي الفلسفة الحديثة)، ثم في (الشعر والشعراء الإنجليز) و (كتاب الكوميدي الإنجليز)، و (عصر إليزابيث). ودعته صحيفة المورنتج كرونكل لتحرير قسم النقد المسرحي فيها. وأخذ بعد ذلك ينشر فصوله عن (الدائرة المستديرة) في صحف التيمس والتشامبيون والأجزامنينر، واتصل بمجلة لندن فنشر فيها حديث المائدة وبحثه القيم عن (روح العصر). وغير ذلك من الموضوعات الشائقة. وقد شهد البروفيسير سينتسبري - ولم يغل - بأن فصول هازلت في النقد قد فاقت غيرها في جميع الأمم، ولم يستثن سانت بيف - ولولا ما كان من إعجاب هازلت بنابليون لعبده الإنجليز ولقدسوه تقديساً.

٦ - مانيو أرنولد (١٨٢٢ - ١٨٨٨)

أرنولد من شعراء العصر الفكتوري المجيدين، ولكنه خدم الأدب الإنجليزي بكتابه القيم (فصول في النقد أكثر مما خدمه بشعره؛ ويكاد أرنولد يتفق وهازلت في طريقته في نقد الآداب، غير أنه يمتاز من هازلت بأنه يخلق من القارئ نفسه ناقداً للموضوع أو الأديب الذي ينقده، فما يكاد أحد يتلو فصولاً من كتابه حتى يحس من نفسه القدرة على النقد، كأنما قد تقمصه أرنولد! وهذا ما أفاض في شرحه الأستاذ هربرت بول في كتابه عن أرنولد؛ ولولا تشكك أرنولد وكثرة حيرته، وهما عيبان يبدوان كثيراً في فصوله، لما قل في مرتبته عن هازلت وعن سانت بيف.

وبعد فهذه لمحات خاطفة لمادتنا نقاد الآداب عن زملائهم (!) في بعض الأمم الأوربية، نرجو أن يهتموا بدراستهم في المراجع التي أشرنا إليها ثم ينقدوا بعد ذلك ما يشاءون.

(د. خ)

<<  <  ج:
ص:  >  >>