للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقد أخذ الأستاذ بركنر الألماني في كتابه (تاريخ الآداب الروسية) على بلنسكي وإضرابه من النقاد الروسيين ما كانوا يحيدون به أحياناً عن قوانين النقد التي وضعها سانت بيف ولسنج وأرنولد، وقال إنهم حين كانوا يفعلون ذلك كان يجيء نقدهم سطحياً قليل الغناء، وقد رد الأستاذ بارنج في كتابه (خلاصة الأدب الروسي) على هذا المأخذ بأن بلنسكي ومدرسته كانت تنشد قبل كل شيء خلق وأدب قومي روسي بكل معنى الكلمة ينافس الآداب الأوربية التي كانت تطغي على روسيا نفسها فتجذب إليها جمهور القراء الروسيين. . . لذلك كان يضطر أحياناً إلى منازلة خصومه بأشد من أسلحتهم في المهاترة والثلب!

٤ - كولردج وشارل لامب

لو أن كولردج (١٧٧٢ - ١٨٣٤) قصر جهوده على النقد دون النظم لأفاد الأدب الإنجليزي أكثر مما أفاده بشعره، وأن يكن له في هذا الميدان جهده المشكور. ولقد كانت طريقته في النقد مثل طريقة مواطنه وصديقه شارل لامب (١٧٧٥ - ١٨٣٤) وإن أختص الأول بعرض أدب شاكسبير أكثر من أي شيء آخر. وكل النقاد الحديثين في إنجلترا يحترمون آراءه في شاعرهم الأكبر ويعتمدون عليها. وشارل لامب هو صاحب النظرية العجيبة في نقد الآداب والتي تتلخص في (وجوب اعتماد الناقد على ذوقه كحاسة سادسة لا على عقله فقط في نقد الأدب!) وهو يشرك الروح في النقد، ويطلب من الشاعر أن يغني ويصور، ويبكي ويتألم، لا أن ينظم حقائق هذه الدنيا فيكون شعره جافا ثقيلا على القلب. فالروح عند شارل للشعر، والعقل للعلم. وقد كان لامب يثير شغف القراء وإعجابهم بفصوله التي كان ينشرها في بإمضاء (إيليا)؛ ولولا أثرته ومدحه لذاته في هذه الفصول لرفعته إلى أسمى مراتب النقاد.

٥ - هازلت (١٧٧٨ - ١٨٣٠)

لا تقل مكانة وليم هازلت في النقد عن مكانة سانت بيف؛ ويعده الإنجليز واضع أسس النقد الأدبي الحديث في إنجلترا، وهم يقبلون على قراءته إلى اليوم كما يقبل الفرنسيون على قراءة سانت بيف، وكما يقبل الألمان على لسنج، والروس على بلنسكي. ويذكر هازلت أن سبب شغفه بالأدب والنقد خاصة هو لقاؤه الأول بكولردج الذي كان صديق أبيه. وكان

<<  <  ج:
ص:  >  >>