وبالاختصار عقدنا اتفاقا لا نص له على أن نكافح سواسية مدافعين ومهاجمين الحياة التي ناصبتنا العداء
وفي النهار كنا نبحث بجد عن عمل، في قطع الأحجار، أو الهدم أو الحفر أو النقل، وعندما تتهيأ لنا فرصة مثل هذه كنا نعمل بجد ونشاط.
ولما كان لكل منا غرض أسمى من وضع مواسير المجاري أو تنظيفها - وهو من اشق الأعمال - فقد سئمنا العمل فيها بعد يومين. ثم أخذ زيومكا يتشكك في ضرورة الحياة.
ستصير هذه مجاري لأي شيء؟ للقاذورات؟ أليس في وسع الإنسان أن يلقي بها أمام داره؟ كلا هذا لا يصح فأنها تثير رائحة كريهة. هكذا! القاذورات تثير رائحة كريهة. أعمال عظيمة من أجل أشياء تافهة! فلو أن أنساناً قذف مثلاً بخيارة مخللة، غير كبيرة الحجم، فماذا تبعث هذه من رائحة؟ إنها تبقى يوماً. . . ثم تختفي. . . - تتعفن! لا، ولكن إذا قذف بجثة آدمي إلى موضع فيه الشمس فإنها تتعفن حقاً.، إلا أن ذلك عمل منكر!)
مثل هذه الأحاديث كانت تفت في عضدنا وتقلل رغبتنا في العمل. وكان ذلك يفيدنا كل الفائدة عندما نعمل بأجرٍ يومي في الأعمال الجزئية. فقد كنا نتقاضى أجرنا دائماً قبل أن نتمم ما عهد إلينا به من عمل. وذهبنا مرة إلى مقاول وطلبنا منه أن نعمل في عمل، إلا أنه طردنا وهددنا أن سوف يضطرنا بمعونة الشرطة إلى إتمام العمل الذي أنقدنا أجرنا عليه من قبل. وكنا نجيبه بأنه لا طاقة لنا على العمل وبطوننا خاوية. وتشبثنا مطالبين بالعمل. وكنا نحصل عليه في أغلب الأحيان.
كان ذلك خطأ منا، ولكن لا نكران في أنه كان مفيدا لنا. ولم يكن في وسعنا أن نصلح شيئاً من نظام الحياة الذي فسد، حتى أصبح القيام بعمل والانتفاع به ضدين.
وكان زيومكا في كل مرة يتولى المفاوضة مع أصحاب العمل، وكان يقوم بها بمهارة ولباقة، وكان يبرهن على صحة مطالبه بهدوء الرجل المهدود القوي الذي يرزح تحت عبء الأعمال التي لا طاقة له بها.
وكان ميشكا يقف صامتا إلى جانبه، ويحمله بعينيه ويبتسم ابتسامة الرضا والسرور، كما لو أنه كان في نيته أن يقول شيئاً ولكن خار عزمه. وكان يندر أن يتحدث، فإذا ما ثمل أخذ في الكلام كمن يلقي خطاباً. ثم ناداه مبتسماً: