للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورفع زيومكا رأسه، وصوب نظره إلى الكوخ. وقال في اقتضاب:

- (هو كذلك على الغالب)

- (إنه لا شك الإنجيل)

- (ليكن ذلك. وماذا يهمك من أمره؟)

- (لاشيء!)

- (لا شيء هذه ملء جيوبي. ولكن إذا كنت تريد أن تستمع إلى ما في الإنجيل فاذهب إلى العجوز وقل لها: أقرئي لي يا سيدتي المحترمة شيئاً من الإنجيل، إنه لا سبيل لنا غير ذلك؛ إننا لا نذهب إلى الكنيسة لأن أبداننا قذرة وملابسنا بالية، إلا أن لنا روحاً كبقية الناس. . . هيا أذهب).

- (هل أذهب حقاً؟)

- (نعم، أذهب)

وقذف ميشكا بمعوله وأصلح ثيابه ومسح الأقذار عن وجهه بكمه، وقال زيومكا في نفسه وابتسامة السخرية على فمه: (ستركلك برجلها كأحقر دب) غير أنه تلهف على متابعة خطوات صاحبه بالنظر، وسار هذا بخطى ثقيلة وابتسامة الخجل والهدوء مطبوعة على وجهه، ورفعت العجوز رأسها وصوبت نظرها إلى ذلك المتسكع القادم إليها، وكانت الشمس تضيء زجاج منظارها وإطاره الفضي فيومض

ولم تركله برجلها برغم أن زيومكا تنبأ بذلك، وكان حفيف الشجر يحول دون سماع ما تحدث به ميشكا إلى صاحبة المنزل، ولكنا رأيناه يخر فجأة أمام قدميها ويجلس على الأرض حتى يكاد أنفه يمس الكتاب، وكان وجهه يدل على الهدوء والرزانة، وقد رأيناه وهو يحاول ما استطاع أن ينفخ في لحيته ليبعد عنه الغبار، وأخيراً أستقر في مجلسه ومد عنقه ووجه نظره إلى يد العجوز التي أخذت تقلب صفحات الكتاب صفحة صفحة.

(أنظر إليه فهو كالكلب غير المهذب! له الآن أن يستريح. فهل نذهب نحن كذلك؟ وماذا نعمل هنا وحدنا، وهو يجلس هادئاً بينما نحن نعمل من أجله وننهك قوانا. هيا، سر إلى الأمام).

وبعد دقيقتين جلسنا إلى جواره واحدا عن يمينه والآخر عن يساره، ولم تنبس العجوز

<<  <  ج:
ص:  >  >>