للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

العربية

على أن مطبعة بولاق لم تقف عند هذا الحد المتواضع في إخراج الكتب العربية؛ وكانت المطابع العربية الأوربية، ولا سيما في ليدن وباريس، قد نشطت منذ أوائل القرن التاسع عشر لإخراج طائفة كبيرة من الآثار العربية النفيسة على يد جماعة من أعلام المستشرقين، فاتجهت الأنظار في مصر إلى العناية بهذه المهمة؛ ونشطت مطبعة بولاق إلى إحياء التراث الإسلامي بهمة فائقة؛ وعكفت طوال القرن التاسع عشر على نشر الموسوعات والآثار العربية الجليلة، وأسدت في ذلك أعظم الخدمات للآداب العربية والثقافة الإسلامية؛ ونظرة واحدة إلى ثبت الآثار الحافلة التي أصدرتها مطبعة بولاق تدل على فداحة المهمة التي اضطلعت بها، وإلى مدى التوفيق الباهر الذي حققته في إنجازها

وإلى جانب مطبعة بولاق، قامت مطابع أهلية كثيرة، ونشطت أيضاً إلى إخراج الكتب العربية؛ وقد كان ميداناً جديداً يغرى بالكسب، فأقبل الكثيرون على استثماره؛ وأخرجت هذه المطابع الأهلية، إلى جانب بولاق، مئات من الكتب والآثار العربية الضخمة في كل أنواع العلوم والفنون، وأعادت طبع كثير مما نشرته بولاق في طبعات رخيصة يسهل اقتناؤها، وساهمت بذلك مساهمة قيمة في إحياء الآداب العربية ونشرها

وهذا ما نريد أن نعرض إليه في هذا المقال؛ فقد انقطعت مطبعة بولاق منذ أوائل هذا القرن عن نشر الآثار العربية القديمة، وحلت محلها في ذلك دار الكتب المصرية؛ ولكن دار الكتب تقوم في هذا السبيل بمجهود بطئ جداً، أما المطابع ودور النشر الأهلية فما زالت على نشاطها القديم في إخراج الموسوعات والآثار العربية، ومنها كثير لم ينشر من قبل؛ ومن المحقق أنها ما زالت تؤدى بذلك خدمات قيمة لإحياء الآداب العربية

ولكن هذا النشاط إذا لم كان يحمد من بعض الوجوه، فانه يثير اليوم كثيراً من وجوه الاعتراض والمؤاخذة، وإذا كان قد ترك في الماضي حراً طليقاً من كل قيد؛ فإن الظروف تقضى اليوم بضبطه وتنظيمه وتوجيهه بطريقة تحقق الغاية منه

بدأ هذا النشاط في أواخر القرن الماضي، والحركة الأدبية والثقافية في مستهل نهضتها، فكان هذا النشاط في بعث الكتب العربية وإحيائها بالنشر والتداول من عوامل تعضيدها وتغذيتها، ولم يكن من المستحسن يومئذ أن يعرض هذا النشاط لشيء من القيود التي يمكن

<<  <  ج:
ص:  >  >>