للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أَلستور، وهى ترجمة دقيقة الوصف لحياته وعواطفه التي كانت تختلج في قلبه إذ يصف فيها مقدار ما يلقاه كل شاعر حر أمام نبوغه من العقبات الكأداء التي تفل من عزيمته وتحط من شاعريته. فهي صورة جلية نتعرف منها خبايا نفسه ومنبع شاعريته. وقد ضمن هذه الطبعة دفاعه عن الشعراء والشعر ضد مهاجمة (توماس بيكوك) أتى فيه على تعريف الشعر وتاريخه وفائدته في اجتثاث سوءات المجتمع وتشذيب النفوس وصقل الذوق، بعد أن فند آراء بيكوك بلهجة يملؤها الحماس ونبرات تصحبها الثورة.

وفي شلي يقول المؤرخ المشهور والكاتب المأثور ماكولي: (لم أر في حديث الشعراء من تقرأ أشعاره فتعلق بجملتها بشغاف قلبك إلا شلي. أما والله لقد جمع بين جزالة السلف ورقة الخلف، وتعمد الإجادة فأصاب شاكلتها وبلغ غايتها، في حين أنه قصر دونها شعراء كثيرون من أترابه.) ومهما يكن في هذه الشهادة من الغلو والإسراف، فليس لنا سبيل إلى دفعها ودحضها، ذلك لأن شلي قد توفي وهو في سن الثلاثين قبل أن تنضج مواهبه

شلي والحركة الابتداعية:

ترجع هذه الحركة في تاريخها إلى تلك البذرة التي بذرها السير فرنسيس باكون (١٥٦١ - ١٦٢٦) حين أهاب في الأدباء منادياً بأن نظم الحضارة الأرستقراطية تفسد عاطفة الأدب الصالحة، وتبهم عبارة البلاغة الواضح، وأن ليس لهم إلا الخروج عليها واقتفاء أثر الطبيعة في جميع أغراض الأدب نظماً ونثراً، بل وفي أنظمة الحياة الاجتماعية والسياسية، إذ هي وحدها منبع جميع مشاعر الأديب الحسية ومُسْتفَز ملكاته الخيالية: وإذ كان بيكون غارس بذرة هذه الحركة، فقد كان جان جاك روسو هو الذي تعهد تربتها، وترعرعت في عصره غرستها، حتى آتت أكلها على يد وليم وردزورث ورفاقه، وهم كيتس، ووسلي، وبيرون، وشيلي. وجميعهم يعنى بجمال الأسلوب قبل الفكرة، ويعتمد على الخيال أكثر من الحقيقة، ويهتم في البحث عن أصول الأشياء واستجلاء غوامضها، لا في ذاتها، بل في الطبيعة على اعتبار أنها أجزاء منها، وهم يجعلون موضوع دراستهم الرجل العادي لا الأرستقراطي، ويمارسون الأدب على أنه من وسائل إصلاح المجتمع واجتثاث سوءاته لا على أنه فنّ قائم بذاته لا علاقة له بالهيئة الاجتماعية. وعلى هذا القياس فان درجة الشاعر تعظم في نظرهم بمقدار ما يكون لأشعاره من الإصلاح ومن بليغ الأثر في توجيه دفة

<<  <  ج:
ص:  >  >>