وقضينا الليل في الحديقة إلى جانب أنقاض الحمام الذي هدمناه عن آخره في ذلك اليوم. وفي ظهر اليوم التالي أتممنا تنظيف النافورة، وقد ازدادت قذارتنا وتبللنا بالماء، وانتظرنا أمام باب المنزل في انتظار أجرنا، وكنا نتحدث عن غذاء وعشاء دسمين نتناولهما قريباً؛ ولم يكن لواحد منا أي رغبة في الحديث عن شيء غير ذلك.
وفرغ صبر زيومكا وقال بصوت أجش: والآن أين استقرت يا ترى هذه الغول الشمطاء؟ لقد هلكت!
وقال ميشكا وقد هز رأسه معاتباً صديقه:
(لقد بدأ يسب من جديد. ولماذا يسب يا ترى؟ هذه العجوز امرأة طيبة تخاف الله، وهو يسبها - هذا هو خلق الرجال!)
وابتسم زيومكا وقال له إنه شديد الحساسية نحو ذلك الطائر الشارد، تلك العجوز. . . هذه. . .
وقضى ظهور العجوز على هذا الحديث الطريف. وتقدمت إلينا وأخرجت النقود وقالت في احتقار:(هاهي ذي نقودكم فخذوها وارحلوا من هنا. كنت أريد أن أعطيكم أخشاب الحمام فتقطعوها قطعا صغيرة، ولكنكم لستم أهلا لذلك)
وأخذنا نقودنا صامتين وذهبنا ولم نحظ بشرف تقطيع أخشاب الحمام إلى قطع صغيرة للوقود
وقال زيومكا وقد خرجنا من باب الحديقة: أيها البشع العتيق أنظر إلى هذه! ألا أستحقها يا قبيح الوجه؟ الآن يمكنك أن تسبح باسم ذلك الكتاب.
وأدخل يمينه في جيبه وأخرجها بقطعتين من المعدن اللامع وأرانا إياهما كمن كتب له النصر
وجمد ميشكا في موقفه، واشرأب عنقه ليرى ما في يدي زيومكا. وسأله حائراً:(هل خلعت القفل؟)
- (هذا ما فعلته! إنه من الفضة الجيدة. ويمكن لأي إنسان أن يحتاج إليها. وهى تساوى على الأقل روبلا)
- (هيه، وما دمت قد فعلت ذلك فارمها بعيداً عني! يا للخجل!)