- (هدئن من روعكن يا سيدات! إتيوكليز وبولينيسيز! لقد قتل كل منهما أخاه، ووضعت الحرب أوزارها!
وتكاد الفتاتان المنكودتان: أنتيجونى وإسمنيه، ابنتا أوديب تصقعان لهذا الخبر، فهما أختا الأميرين المتحاربين، والبقية الباقية من هذه الذرية الشقية، وسيتألف من شقوتهما أسود فصل في المأساة.
- ٨ -
وترثي الفتاتان أخويهما رثاء باكياً حزيناً، وما تكادان تفرغان حتى يدخل القائد العام لجيوش طيبة فيقول:
- (قضي الأمر وانكشفت عن طيبة غمة الحرب التي جناها عليها المارق الأثيم. . . وسنفرغ الآن للاحتفاء بدفن إتيوكليز، حبيب الوطن؛ وصفي الآلهة، وبطل الأبطال. . . ستقف طيبة كلها عند قبره لتذرف عليه دموع المحبة والإخلاص والحزن. . . أما الشقي بولينيسيز، فستنبذ جثته بالعراء، جزر السباع وكل نسر قشعم. . . ستنوشه كلاب البرية بعد أن يجيف وينتن، جزاء له على مروقه من حظيرة الوطن، وعقابا له على لواذه بأعداء طيبة، وسوقه جيوشهم عليها يقتلون أبنائها ويطفئون جذوة الحياة فيها. . . لن يبكي عليه أحد. . . ولن يوقره أحد. . . ولن تؤدى له طقوس الموت لأنه لا يستحقها، ولن يصب أحد على ترابه خمراً. . . اللئيم المنبوذ. . . بهذا قضى عليه مجلس طيبة الأعلى، فليذق بغض ما قدمت يداه!!)
وما يكاد يفرغ حتى تثور ثائرة انتيجوني حزناً على أخيها وتقول:
- (ماذا أيها القائد؟ لن تقام الطقوس الدينية لأخي! وسينبذ بالعراء تنوشه الكلاب البرية وذؤبانها؟ هاها!. . . أنت تحلم ورجالك أعضاء مجلس طيبة يحلمون! بل أنا. . . أنا الفتاة العاجزة أنتيجوني. . . أخت هذين التاعسين، وابنة ذينك الأبوين البائسين. . . سأقوم لأخي بكل ما أباه عليه مجلسكم الموقر. . . سأدفنه وسأهيل التراب على جسمانه، وسأضرب بقراركم عرض الأفق! ولتفعل قوتكم بضعفي بعد ذلك ما تشاء!