وإقامه بالبراهين، وإن تكن حججه وبراهينه دائماً أوهى من خيوط العنكبوت، ولكن قارئه برغم ذلك يكب عليه إكباباً عجيباً، ويشغفه منه هذا الترقرق في سوق حججه، وذاك البيان السهل، والأسلوب الأخاذ، والعبارة الطلية الهينة التي يغطى بها ضعف براهينه. وكان بطبعه هذا ميالاً إلى المبالغة والتهويل، ولذا كان يقع في التناقض دائماً. واليك مثلاً من تناقضه العجيب في فصل عقده عن (استقامة الرأي)، قال:
(لا ينشأ الجنون من إدمان التفكير، ولكن من التعقل (!!) فقلما يصاب الشعراء بالخبل، في حين يأفن لاعبو الشطرنج وتنتهي حياتهم إلى العته. والرياضيون والصيارفة كذلك طالما يصيبهم الجنون أو على الأقل اللوثة، في حين يحيا الفنانون حياة سليمةً برغم أنهم دائماً يعملون قرائحهم ويبتدعون ويخلقون. وأنا بقولي هذا لا أناقض المنطق ولا أهاجم المناطقة، ولكني أقرر أن الشر كل الشر في المنطق والمناطقة. . لا في التفكير. . .)
وقد ساق درنكووتر في خلاصته عن الأدب أمثالاً أخرى عن تناقض تشسترتون (ص ٩١٦) نحيل إليها القارئ
والذي سيخلد من كتابات تشسترتون هي فصوله الممتعة في نقد الأدب والأدباء؛ وسيبقى كتابه عن (دكنز) ثروة عظيمة للمتأدبين بالأدب الإنكليزي.
(د. خ)
جريدة إنكليزية لتأييد القضية الحبشية
تلقينا الأعداد الأولى من جريدة أسبوعية تصدر في لندن بعنوان (التيمس الجديدة وأخبار الحبشة) & وعنوانها يدل على موضوعها وغايتها فقد أنشئت أخيراً للدفاع عن القضية الحبشية أمام الرأي العام الإنكليزي والأوربى، واقناعه بفظاعة الاعتداء الإيطالي، وتتولى تحرير الجريدة المذكورة السيدة سلفيا بنكهرست؛ وقد صدرت عددها الأخير بصورة الإمبراطور هيلاسلاسي، ومقال للدكتور مارتن وزير الحبشة في لندن عنوانه (انتظروا وتأملوا بينما يعمل القتل عمله)، وفيه يحمل على المبدأ السياسي القائل بالانتظار والتأمل، لأنه هو الذي أودى بحياة الحبشة، ولو قامت عصبة الأمم المتحدة بعمل حاسم لاستطاعت وقف الاعتداء الإيطالي في الوقت المناسب، وفيه تفاصيل عن مقدم الآمبراطور، ومقال