- أعني أحمر جداً - وليس هذا لونه في العادة، وإن كان صحيح الجسم، معافى البدن، حسن اللون والشارة؛ ولكنه شديد الحياء. فقلت للفتاة:(زوزو. . . هذا صديقي الذي حدثتك عنه؛ وفي وسعك أن تعديه صديقاً لك أيضاً. . هل جاءت ليلى؟؟)
قالت وهي تناوله يدها:(نعم. . . وهي تنتظر في الخارج) قلت: (ولماذا لم تدخل؟. . هل أذهب وأدعوها؟) قالت: (كلا. أن معها الأشياء. . . . والأفضل أن نذهب الآن)
ومضينا إلى القناطر على مهل، وكانت السيارة جديدة، ولا بد أن أقتصد في السرعة حتى تلين وتكتسب آلاتها المرونة الأزمة وإلا فسدت وخربت بسرعة وقصر عمرها. وكانت زوزو وليلى تنظران إلى السيارات الأخرى التي تخطف إلى جانبنا وتتركنا وراءها فتتحسران. وكانت زوزو لا تفتأ تقول لي:(ألا يمكن أن ندرك هذه السيارة؟) وتشير إلى واحدة من السيارات الكثيرة التي كانت تمرق كالسهم، فأقول:(بالطبع نستطيع، ولكن الثمن باهظ. ثم إن العجلة من الشيطان؛ وقد كنت قبل مجيئك ألقي درساً إلى هذا الصديق في وجوب التريث وتحاشي العجلة. والظاهر أنك لست خيراً منه ولا أقل حاجة إلى مثل هذه الدروس التي أعطيها للناس مجاناً)
فتصيح بي:(دروس إيه وعجلة إيه؟؟. كلام فارغ!! كيف تترك هذه السيارات تسبقنا، مع أن سيارتك جديدة وجميلة؟) فأقول: (أشكرك - بالنيابة عن السيارة. ولو كان لها لسان لأسمعتك المطرب المعجب من آيات شكرها وتقديرها لهذا الثناء الجميل، ولكنها كما تعلمين خرساء بكماء لا تحسن إلا أن تجري)
فتقاطعني معترضة:(تجري؟؟ تقول تجري؟؟ إنها تزحف!! ألا ترى كيف سبقنا كل الناس؟. . هل تريد أن نصل إلى القناطر غداً؟)
فأتوكل على الله وأجازف بمستقبل السيارة وأعذر في سري الشبان الذين يكونون مع الفتيات فينطلقون كالقنابل فتتحطم سياراتهم، وقد يلقون هم حتوفهم؛ فأن وجود فتاة مع السائق يغريه بإهمال ما يشير به العقل والحكمة. وقد أركبت فتيات كثيرات فلم أر منهن واحدة ترتاح إلى البطء، وأحسب السبب أن السرعة مظهر من مظاهر القوة وأن السبق غلبة، والمرأة تعجب بالرجل القوي السابق، ولا تعجب بالرجل الضعيف الواني، وهي لا تدخل في حسابها أن هذه سيارة وأن المعول عليها لا على الرجل، وأن الذنب يكون ذنبها