للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إذا قصرت وكانت بطيئة أو ضعيفة. وإنما كل ما تفكر فيه وتعنى به أن معها رجلاً، وأن رجلها هذا ينبغي أن يكون الأقوى والأبرز والأسرع والأبرع، إلى آخر ذلك. وهو عندها مسئول عن السيارة التي لم يصنعها. ولعل منطقها أنه اشترى سيارة، فلماذا لم يشتر سيارة قوية سريعة؟؟ وقد يكون قليل المال ولكن هذا لا ينهض عذراً له، إذ لماذا يكون قليل المال؟؟ وقد تكون السرعة بغيضة إليه، ولكن الأمر يرجع إلى تقديرها هي لا إلى تقديره، ولا إلى ما يؤثر وما يكره. وإذا كان لا بد أن يتوخى ما يشير به مزاجه، فلماذا يستصحب امرأة؟؟

من أجل هذا اضطررت أن أسرع على خلاف ما يقضي به الواجب والحزم وإلا ساء رأي صاحبتي فيّ، ومن الذي يسره أن يسوء رأي المرأة فيه؟؟ ولا سيما امرأة تكون معه ويكون همه في هذه اللحظة على الأقل أن يرضيها. . وأدركنا بضع سيارات سبقناها ففرحت واشرق وجهها وانبسطت أسارير محياها وكثر ضحكها - بل ضحكهما - بعد التقطيب والوجوم والاعتراض وصارت كلما مرقنا بجانب سيارة تصفق وتصيح (هيه!!) على سبيل الإعجاب بالسيارة التي هي فيها - أي الإعجاب بنفسها، فان إعجاب المرأة بشيء يكون لها مظهر لإعجابها بنفسها هي - والشماتة بالمسبوق والتعيير له والتحدي أيضاً؛ والمرأة إذا أعجبت برجل جعلت وكدها أن تتحدى الرجال به على صور شتى بعضها أخفي من بعض. وما أكثر ما يكون استمرار إعجابها به رهناً باستمرار فوزه على الأقران وغلبته لهم فيما تورطه فيه.

وبلغنا القناطر بعد نصف ساعة؛ وكانت هذه أول مرة تراها فيها فأقبلت علي تسألني عن كل ما تأخذه العين هناك وجعلت أنا أحيلها على صديقي لا تفزع للسير ومآزقه في هذا الزحام الشديد حتى صرنا عند أول البساتين، وكانت الإحالة على صديقي تغضبها لتوهمها أن ذلك مبعثه الملل أو الأعراض، ولا ملل ولا إعراض منى وإنما هي مشاغل الطريق؛ غير أن المرأة قل أن تقدر ذلك لأن خواطرها كلها دائرة حول نفسها وشخصها، وهي تفسر كل شيء بأنه صادر عن حب أو كره، وعن رغبة أو زهد، وعن إقبال أو انصراف وإعراض، وعن ارتياح أو ملل وسآمة.

وقال لي صاحبي ونحن ندخل البساتين والفتاتان أمامنا: (والآن قل لي ماذا ساءك من

<<  <  ج:
ص:  >  >>