للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التطلع ومن قبيل الاستغراب أو إطاعة لرغبة نشأت في الوقوف على حالات غريبة تبدو من شخص يستحق عناية على كل حال لسبب من الأسباب التي تدعو إلى العناية؟؟ هه؟؟ وهبها - جدلا - أحبتك كما تظن أنك تحبها فان شأنها كشأنك!. . ولعلكما لو تلاقيتما لكره كل منكما صاحبه، أو نفر منه، على الأقل، أو إذا شئت، لفتر ما يجد من الحب، إذ كان لا أساس له إلا الصور الغامضة التي ينقصها البيان والتأثير الذاتي المباشر. . ويظهر أنها مثلك واسعة الخيال. . وشبابها هو عذرها إذا جمح خيالها. . فإنها غريرة ساذجة لا تعرف الدنيا. وأكبر الظن أنها لم تجرب الحب فهي لهذا شديدة الحنين إليه. ولكن أنت؟. أنت؟. أنت المجرب الذي عرف المرأة ودرس وخبر كل ما يسع الرجل أن يخبر. . كيف يمكن أن تخدع نفسك وتغلط على هذا النحو في فهم شعورك؟ إن هذا منك مضحك!

وقد اعترضت على نفسي وأبيت أن أسايرها إلى حيث تريد فأني أعرفها خبيثة شديدة المغالطة، وقلت لها: (كيف تزعمين يا نفسي أن لا شيء عندي من الذكريات أغذي بها حبها؟ ألم تسمعني صوتها في ضحكة فضية؟ (واها لهذا الرنين) أليست تبدو - أكثر الوقت - في الثوب الأرجواني الذي تعرف أني أحبه؟ أتسألين يا نفس كيف عرفتْ أنى أحب هذا الثوب؟. قبحك الله!. وما شأنك أنت؟. أعرف أنها تعرف والسلام! وأنا على يقين من أنها تعرف. وبيني وبينها لغة لا تحتاج إلى الكلام ولا إلى النظر. . . لغة أفهمها وتفهمها وإن كان كلانا معرضاً عن صاحبه، لأنها ذكية - مثلي ولا فخر - فهي تدرك أنى حين أكف عن النظر إليها، يلتفت قلبي إليها، وإن كانت عيني قد تحولت عنها لسبب غير إرادة النفس وهوى الفؤاد. . ولا يخفى عليها أني حين أنظر إلى ترام عابر أو سيارة تخطف في الطريق أو زمرة مارة، فأني إنما افعل ذلك لأني أخاف عليها من الناس أن يلهجوا بنا. وليبقى حبي وحبها كنزاً لا يعرف سرَّه غيرُنا. . ولا يشاركنا فيه - بالعلم - ثالثٌ. ولست أكلمها - هذا صحيح - ولا أنا أشير إليها، لأني أعرف أنها تعرف أن الإشارة تحصيل حاصل. وما ثلاثون مترا ًبيننا؟؟ إن قلبها كتاب مفتوح؛ وهل تستطيع الزهرة الأرجة أن تكتم الشذى؟؟. نعم إنها حريصة كيسة، ولكنى مع ذلك أعرف حين أراها مقطبة عابسة أن قلبها يضحك وإن كانت نظرتها صارمة الجد. . ولقد بدت منها إشارات تعمدت ألا أفهمها - لا لأني لم أفهم بل لأني خفت أن تكون قد صدرت عنها عفواً وعلى غير عمد، فأكون قد

<<  <  ج:
ص:  >  >>