تسرعت وأسأت التأويل. ولا أقول ما هذه الإشارات فأني حريص على الاستئثار بها والانفراد دون خلق الله بمعرفتها. وما أكثر ما أذكر من حالاتها حين تكون وحدها وحين يكون معها غيرها. . وهل أنسى أنها حين تغضب عليّ لبلادتي وبطئ فهمي تذهب فتلبس ثوباً غير الأرجوانى؟؟ هل أنسى كيف تلف على شعرها شريطاً وتترك خصلة الوطفاء مرسلة على جانبي محياها الصابح يبعث بها النسيم فتهز رأسها لتردها وتصلح منها وتسويها؟؟. هل أنسى كيف تجلس وفي يدها الكتاب - على ركبتها - وظهرها إلي وهي مع ذلك تراني وتعرف أنى أنظر إليها ومعجب بها ومتلهف على نظرة منها؟؟ هل أنسى كيف تكايدني وتهيجني وتثير نفسي لتمتحن حبي وترى ماذا يكون من اثر ذلك في نفسي؟؟ وما أعذب مكايدتها وأحلاها!!. وما أجهلها بي إذا كانت تظن أن شيئاً من ذلك يثيرني ويغضبني! فان في وسعي - دائماً - أن أضع نفسي في مكان الغير، وأن أتصور ما يُعْقَلُ أن يصدر عنه وأن اقدر البواعث على ما يبدر منه فاعذره في الأغلب. . والحق أقول إني أراها مقصرة في مكايدتي لا مسرفة. ولا أنكر أنه يعز علي أن تغيب عن عيني، ولكني أنا مضطر أن أغيب عنها وأنقطع عن النظر إليها، وعزائي أنى لا أنعم بأكثر من مرآها وأنها لم تهبني أكثر من منظرها من بعيد، وأنها لم تولني ما أتحسر على فقده إذا فقدته؛ وما دام هذا هكذا فأني أستطيع أن أراها بعين الخيال كما أراها بعيني التي في رأسي. ولو أني كنت مكانها لعرفت كيف أكايدها، فلتحمد الله الذي خلقني رجلاً ولم يخلقني امرأة.
ولو شئت لعذبتها ولكنى أثر الترفق - بطبعي - وإن كنت لخبرتي بالطبيعة البشرية من أعرق الناس بوسائل التعذيب. وأنا أسأل نفسي دائماً (لماذا أعذبها وأنا أحبها؟، وبماذا تستحق التعذيب وهي لو وسعها أن ترضيني لأرضتني؟ لاشك فلي ذلك، وصحيح أنه يسعها أكثر مما تبدي ولكني لا أحب أن أعجل باللوم. . ومن يدري؟. لقد علمتني حياتي أن اليأس سخافة، وأن العجلة من الشيطان، كما أقول لصديقي، وأن طول البال ينيل الأمل، كما يقول المثل العامي، وأن الغضب حماقة، وأن العتاب عبث، وهو في النهاية يفتر الحب، وأنا أحب هذه الأرجوانية الثوب وأحب أن يطول حبها لي، لأني أعرف من نفسي أن حبي لا يفتر وإن كان في وسعي - بفضل رياضتي لنفسي - أن أستر ناره بالرماد. كلا لن أكايدها وسأصبر عليها وأُملي لها وأمهلها لأرى ما يكون منها ولأختبر مبلغ حبها فأني