للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

على الرغم من الحب أوثر أن أقدّر لرجلي قبل الخطو موضعها. فإذا رأيت منها ما يطمئن خرجت عن هذا التحفظ الثقيل عليها وعليَّ أيضاً وإلا فأني قادر على خنق هذا الحب ولو كلفني تقليع أحشائي من جذورها.

في هذا كنت أفكر، وبهذا كنت أناجى نفسي، وأنا ألاعب هذه الفتاة وتلك وأضاحكهما وأسابقهما وأُسخط صديقي على بترك الاحتشام الذي ألفه منى حتى صار يستغرب منى الابتسام، وليس أعجب من اشتغال النفس بأمرين في وقت واحد. ولكنى لا أكتب مقالاً في علم النفس وإنما أسوق حكاية وأصف حالة فيحسن أن أقتصر على ذلك.

وقد عدت من القناطر بغير ما كنت أرجو أن أفوز به. نعم لهوتُ وضحكت وبدوت لمن لا يعرفني كأسعد ما يكون إنسان. ومن ذا الذي يمكن أن يسمع ضحكتي ويرى وثبي وقفزي ويرتاب في أنى سعيد موفق؟؟ ولكن صديقي كان يعلم أن في صدري شيئاً أكتمه، وأن ما انطوى عليه ليس مما يهون حمله، وإلا لما التمست التلهي ونشدت التعزي، غير أنه كان على هذا يجهل - ومن أين يعرف؟ - أن في جوفي ناراً مضطرمة من القلق والشك والحيرة والاضطراب وقد خرجت من الحوار الذي دار بيني وبين نفسي بالشك وباعتقاد أنى جاهل ما في ضمير الفؤاد - أو على الأقل أن الأمر فيه نظر كبير فالحق أن معرفة النفس أشق المعارف وأعسرها مطلباً. .

إبراهيم عبد القادر المازني

<<  <  ج:
ص:  >  >>