للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مدافع تحصد إخواننا حصداً، وبنادق تمزق صدورهم تمزيقاً، وإخواننا لا يجدون ثمن الحاجات الضروريات، ونلهو ونلعب آمنين مطمئنين، وإخواننا في فلسطين قائمون على حد السيف، بين النار والحديد؟

فيا إخواننا في مصر والشام والعراق والحجاز والمغرب، ويا إخواننا في الهند والصين وأينما بلغت مقالتي هذه. . .

إن الله جل وعز يقول: (وكان حقاً علينا نصر المؤمنين) فهل أنتم مؤمنون مسلمون بجوارحكم وقلوبكم، مخلصون لله في أسراركم وإعلانكم؟ أم أنتم مسلمون بالنسب والاسم وسجل الدولة، لا تعرفون إلا أنفسكم، لا تبالون إلا بلذاتكم، ولا تنظرون إلى أبعد من أنوفكم؟

إذا كنتم مسلمين حقاً، مؤمنين صدقاً، تريدون أن ينصركم الله فانصروا فلسطين ما استطعتم، انزعوا المال من أفواه عيالكم، وأعناق بناتكم، لتشتروا به حياة إخوانكم في فلسطين، اسهروا الليالي تتسقطون أخبارها، وتعلمون علمها، أمسكوا عن لهوكم وأفراحكم فلا تنفرج لكم سنّ حتى تنفرج أزمتها، اجعلوا قضية فلسطين، قضية كل واحد منكم. . .

أما أنتم يا إخواننا في فلسطين:

فاصبروا وصابروا (وَلا تَهِنوا وَلا تَحْزنوا وَأنتم الأَعلَون إِنْ كُنتم مؤمنين. إِن يَمْسَسْكم قَرْحٌ فقد مسّ القومَ قَرْحٌ مثلُه، وَتلك الأيام نداوِلُها بَيْنَ الناس، وَليعْلَم الله الّذينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ منكم شُهَدَاء، وَالله لا يحبُّ الظالمين، وَلِيَمحِّصَ الّذين آمنوا وَيمْحَقَ الكافرين. أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تدْخُلُوا الجَّنَة وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الّذينَ جاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعلم الصابرين)

أما بعد، فان حادثة فلسطين - إن هي تمت - فضيحة الدهر، وعار الإنسانية. . . ولكنها لن تتم بحول الله وقوته ثم بقوة للمسلين. . .

علي الطنطاوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>