للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أن هنالك أسراً قد تظل عقيماً، وأخرى تصاب بالثكل، وعلمنا أن عدد الأسرة في طبقتي الأطباء ورجال الدين لا يزيد عن اثنين، علمنا أن اطراد النقص في عدد السكان إنما هو اطراد عكسي. ذلك بأن هذه النسبة تقيد الطبيعية من ناحيتين: الأولى أعقاب النسل بالنسبة للطبيعة؛ والثانية عدم تزويد الطبيعة بمادة للانتخاب، إذ تغربل الناتج لتبقى على الأصلح هذه هي الحالات التي يقع تحت سلطانها إنسان القرن العشرين، فهل من سبيل إلى اتقائها؟ يقول لورد (دوصن) إن اتقاءها مرهون على شرطين: الأول نشر المعلومات التي تتعلق بضبط النسل: والثاني التعقير الاختياري. أما الشرط الأول، وهو شرط قد تحقق منه شطر عظيم بذيوع الوسائل التي تضبط النسل، فان عليه اعتراضاً ذا خطر عظيم، هو أن الذين يجنحون إلى ضبط النسل إنما هم أولئك الذين تعتبرهم زهرة المجتمع الإنساني من أصحاب العقول الراجحة والمزايا الفذة، في حين أن غيرهم من الطبقات الدنيا والطالحين يتناسلون جهد ما تبلغ استطاعتهم. وفي ذلك مشكل هو بذاته أنكى من حماية غير القادرين على البقاء بالطرق الاصطناعية. فان قلة نسل الأولين وازدياد نسل الآخرين مفسدة سوف تسرع ببعض الجماعات إلى درجة من الانحطاط يخشاها المصلحون، أما التعقير الاختياري فلا يعقل أن يكون دواء ناجعاً. ذلك بأن التعقير تشويه طبيعي لا يرضى به إلا أقلية من الناس لا يعتد بهم إذا قيسوا إلى مجموع الأمة.

ولست أرى أن في هذين الأمرين منجى من الأخطار التي تحيق بالجماعات في هذا الزمان، ولا بد للمفكرين الذين يرغبون في خير الإنسانية، ويودون أن يحتفظ النوع الإنساني بصفاته الرئيسية، أن يقعوا على علاجات أخرى تكون ناجعة في التعويض عن فعل الطبيعة في الانتخاب مع فرض الحماية على المواليد أيا كانوا ومن أي طابع خرجوا إلى هذه الدنيا.

إسماعيل مظهر

<<  <  ج:
ص:  >  >>