الذئاب المفترسة، فوجدت هذه الذئاب في الأفراد المنحطة فرائس يسهل اقتناصها؛ وبعد قليل استعادت البقية الباقية كل الصفات المثالية التي يمتاز بها النوع في مرابيه الطبيعية أما في زيلاندا الجديدة فقد تكررت هذه الظاهرة بينها، والمعروف أن هذه الجزر من أمثل بقاع الأرض مناخاً وطبيعة لتربية الأنعام خاصة، وذوات الثدي عامة، ذلك بأنها خالية من الحيوانات المفترسة خلواً تاماً. فلما استوطنها الايقوسيون حسن لديهم أن يدخلوا إليها عدداً من الغزال الأحمر الذي يعيش في جبالهم العليا، فكانت لهذا الحيوان أمثل مباءة، فتكاثر واكتنز لحماً، ولكن بان لهم بعد قليل من الزمن أن النوع الذي جلب من أثيوبيا مملوء حيوية، محتفظ بأسمى الصفات التي يتسم بها في مرابيته، قد ظهرت بينه أنواع انحرفت عن صفات النوع المثالية. فكانت أضعف بنية وأقل مقدرة على العدو، وقد شوه منظرها الخارجي بصفات لم يكن لها من وجود في أسلافها، أما الدواء فكان إدخال عدد من الذئاب المفترسة القوية إلى الجزر، كانت عدة الطبيعة في القضاء على الطالحين من نسل هذا الحيوان، فاستردت البقية الصالحة، بعد فناء غيرها، كل الصفات الحيوية التي يتصف بها هذا النوع في مرابيه.
أمام هذه الحقائق أخذ المصلحون يفكرون في تلك الوسائل التي يحاول بها دعاة المدنية والإنسانية أن يصلوا امن طريقها إلى حماية كل الأطفال الذين يولدون، أليس في الإفراط في اللجوء إلى هذه الوسائل معاندة للطبيعة بأن نكثر من نسل أناس يتصفون بالضعف الأدبي والعقلي والطبيعي؛ مثلنا في ذلك مثل أولئك الذين أرادوا أن يغالبوا الطبيعة في تربية الشموا والغزال الأحمر؟
وحجة الذين يميلون إلى الأخذ بالميول الإنسانية في مثل هذه البحوث العلمية، أن نسبة الزيادة في عدد السكان آخذة في التناقص شيئاً بعد شئ، وقد تقف عند حد خاص بعد زمن وجيز؛ فلا سبب للانزعاج والتشاؤم؛ غير أن هؤلاء تغيب عنهم حقيقة رئيسية، هي أن نسبة زيادة عدد السكان إن كانت قد أخذت في النقص، فانه نقص معكوس الآية، ففي منتصف القرن التاسع عشر كان التجار وأصحاب الحرف الفنية من ذوى الأسر العديدة الأفراد، في حين أن كبر أسرات رجال الدين كان مضرب المثل، فإذا وعينا أن متوسط عدد أفراد الأسرة في أمة تريد الاحتفاظ بكيانها لا ينبغي أن يقل عن أربعة أنفس، ذاكرين