المتحدة والجزر البريطانية التي تعقر طبقات خاصة من المجرمين والمعتوهين والفاسدين توصلا إلى طريقة عملية يعوضون بها على الأحياء شيئاً مما فقدت بالحماية المصطنعة من فعل الطبيعة والخضوع لسنتها الثابتة.
من هذه البحوث بحث ألقاه لورد (دوصن في الجمعية الطبية بمدينة يورك نشر بعنوان (الطب والتقدم الاجتماعي) تساءل فيه عما إذا كانت النزعة التي تنزع بنا إلى حماية كل الأطفال الذين يولدون من قضاء الطبيعة فيهم، مهما كانوا طالحين غير قادرين على البقاء بغير حماية فعلية، أمراً مناقضاً لما تنشد من ارتقاء السلالات البشرية وخيرها في مستقبل العصور. ففي خلال ستين عاماً انخفضت نسبة الوفيات بين الأطفال من ١٥٦ في الألف إلى ٦٠ في الألف، ونزلت في الأطفال الذين هم فوق الخامسة من ٦٨ إلى ١٨، وزاد عدد السكان في خلال هذه (الفترة ١٨٧٠ - ١٩٣٤) خمسين في المائة عما كان قبلا.
على أننا نستطيع أن ندرس الظواهر التي تنشأ عن مثل هذه الحالات، إذا رجعنا إلى أنوع أخرى تعيشنا في الطبيعة. فقد نرى أن الأنواع الأخرى، غير النوع البشرى، وغير الأنواع الداجنة التي يكثرها الإنسان لأغراض له فيها، تحتفظ بنسبة ثابتة في الأعقاب، أي في تخليف النسل، وأنه كلما أخذت نسبتها في الزيادة العددية سلطت عليها الطبيعة عوامل تردها إلى النسبة التي لا تسمح بأكثر منها، فقد لحظ أن ازدياد عدد نوع من الأنواع يصحبه دائما ظهور أمرين: إما زيادة في عدد الأنواع المفترسة، وإما ازدياد في الأمراض. وفي هذه الحالة لا يبقى من أفراد الأنواع إلا أقدرها على البقاء وأصلحها لأعقاب نسل يرث ما فيها من صفات تمكن النوع من الاحتفاظ بذاته، فإذا صدت الطبيعة عن أن تقضي في نوع بحكمها هذا، ترتب على هذا انحطاط يظهر في أعقاب هذا النوع.
والمثل على هذا عديدة، نقتصر على ذكر مثالين منها، فقد حدث أن حاول أهل سويسرا أن يحموا نسل حيوان يكثر في جبالهم يدعى (الشموا) وهو فصيلة من قيمة تجارية، فأسروا عدداً منه في داخل مكان متسع أحيط بكل أنواع الحماية، وبخاصة من الذئاب التي هي أنكى أعداء هذا الحيوان. فكانت النتيجة المحتومة أن ظهر في هذا النسل المأسور صفات انحطاطية بينه، وكثر فيه عدد الأفراد المهزولة الضعيفة، وبدت عليه كل علامات الانحلال الحيوي، حتى أضطر المربون في النهاية أن يدخلوا إلى مكان الأسر عدداً محدوداً من