للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تكشف عن فظائع هذه المحاكم الشائنة، وخصوصاً في مطاردتها للعرب والعرب المتنصرين، ويورد في نفس الوقت طائفة كبيرة من القضايا والمحاكمات الخاصة بالعرب المتنصرين مستمدة من وثائقها الأصلية؛ وكان كتاب لورنتي فتحاً جديداً في هذه الناحية من تاريخ العرب المتنصرين. وكان لصدوره وقع عظيم في أوربا، خصوصاً وأن مؤلفه من أكابر رجال الدين والكنيسة، وقد لبث أعواماً طويلة سكرتيراً عاماً لديوان التحقيق (التفتيش) واستطاع أن يستخرج وثائقه من محفوظات الديوان الرسمية ذاتها

وفي أواسط القرن التاسع عشر عنى العلامة المستشرق الأسباني دون باسكوال دي جاينجوس بدراسة المصادر العربية في تاريخ الأندلس، وقام بترجمة القسم الأول من كتاب (نفح الطيب) للمقري إلى الإنكليزية مع بعض التصرف وسماه (تاريخ الدول الإسلامية في إسبانيا) وظهرت هذه الترجمة في لندن سنة ١٨٤٠ في مجلدين كبيرين مقرونة بملاحظات ومقارنات نقدية قيمة؛ ولم تمض أعوام قلائل على ذلك حتى صدرت في ليدن ترجمة فرنسية لهذا القسم الأول من كتاب المقري بقلم المستشرقين دوزي ودوجا تحت عنوان (مختارات في تاريخ وآداب العرب في إسبانيا) ' ' ' (سنة ١٨٥٥ - ١٨٦١)

وهكذا وقفت إسبانيا، ووقف الغرب، بعد عصور طويلة من النسيان والتحامل على وجهة النظر الإسلامية في التاريخ الأندلسي، وسقط ذلك الحجاب الكثيف الذي ضربته السياسة الأسبانية مدى ثلاثة قرون على تراث الأندلس وآدابها، وتطورت فكرة التاريخ الأسباني ومادته، وأدرك المؤرخون المحدثون أهمية المرحلة الإسلامية في تاريخ إسبانيا القومي، وعدلوا كثيراً من الآراء والأحكام المجحفة التي أصدرها المؤرخون القدماء نزولاً على مؤثرات الجهل والتعصب القومي والديني والسياسي.

ونرى في أواخر القرن التاسع عشر جماعة من أعلام المستشرقين الأسبان يبذلون جهداً عظيما في نشر مجموعة كبيرة من المصادر الأندلسية الجليلة التي تحتويها أروقة الأسكوريال، باسم المكتبة الأندلسية، وهي مجموعة نفيسة في عشرة مجلدات، تحتوي على عدة كتب لابن بشكوال، وابن الآبار، والضبي، وابن الفرضي، وأبو بكر الاشبيلي، وتعليقات وفهارس مفيدة. وقد ظهرت المجموعة بين سنتي ١٨٨٥ و ١٨٩٤ في مدريد

<<  <  ج:
ص:  >  >>