ومن أشرف ما وصل إليّ وأعلاه: كتاب كريم من صديقي الكبير وأستاذي الجليل، شيخ الشريعة، وإمام مجتهدي الشيعة، بالنجف الأشرف، العلامة الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء؛ فقد تفضل - حفظه الله - بمناقشة رأيي في مسألة من مسائل الكتاب، وهي (مسألة اشتراط الشهود في صحة مراجعة الرجل مطلقته)، فإنني ذهبت إلى اشتراط حضور شاهدين حين الطلاق، وإنه إذا حصل الطلاق في غير حضرة الشاهدين لم يكن طلاقاً ولم يعتدّ به. وهذا القول وإن كان مخالفاً للمذاهب الأربعة المعروفة إلا أنه يؤيده الدليل، ويوافق مذهب الأئمة أهل البيت والشيعة الإمامية. وذهبت أيضاً إلى اشتراط حضور شاهدين حين المراجعة، وهو يوافق أحد قولين للإمام الشافعي، ويخالف مذهب أهل البيت والشيعة. واستغربت من قولهم أن يفرقوا بينهما، والدليل واحد فيهما، فرأى الأستاذ - بارك الله فيه - أن يشرح لي وجهة نظرهم في التفريق بينهما فقال:
بسم الله الرحمن الرحيم. وله الحمد والمجد
من النجف الأشرف ٨ صفر سنة ١٣٥٥ إلى مصر
لفضيلة الأستاذ العلامة المتبحر النبيل الشيخ أحمد محمد شاكر المحترم أيده الله
سلامة لك وسلام عليك. وصلتني هديتك الثمينة رسالة (نظام الطلاق في الإسلام)، فأنعمت النظر فيها مرة بل مرتين إعجاباً وتقديراً لما حوته من غور النظر، ودقة البحث، وحرية الفكر، وإصابة هدف الحق والصواب. وقد استخرجت لباب الأحاديث الشريفة، وأزحت عن محيا الشريعة الوضاءة أغشية الأوهام، وحطمت قيود التقاليد القديمة وهياكل الجمود بالأدلة القاطعة، والبراهين الدامغة. فحياك الله، وحيا ذهنك الوقاد، وفضلك الجمّ
وأمهات مباحث الرسالة ثلاث:(١) طلاق الثلاث (٢) الحلف بالطلاق والعتاق (٣) الإشهاد على الطلاق
وكل واحدة من هذه المسائل الثلاث قد وفيتها حقها من البحث، وفتحت فيها باب الاجتهاد الصحيح على قواعد الفن ومدارك الاستنباط القويم من الكتاب والسنة. فانتهى بك السير على تلك المناهج القويمة إلى مصاص الصواب، وروح الحقيقة، وجوهر الحكم الإلهي، وفرض الشريعة الإسلامية.
وقد وافقت آراؤك السديدة في تلك المسائل ما اتفقت عليه الإمامية من صدر الإسلام إلى