للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الرجال اثنين أو ثلاثة أو أربعاً، إلا أن تفعل ذلك سراً وخفيةً ولعلةٍ. ولكن الرجل لم يكن يعمل هذا سراً بل جهراً، وكان يقيمهن في بيت واحد. وكانت المرأة ترضى وتذعن وتسعى سعيها لتكون هي الأثيرة لا الوحيدة. وكان الرجل لا يكف عن الاشتهاء والتطلع إلى غير الموجودات، والتبرم بالموجودات، وهذا هو قضاء الطبيعة وحكم الفطرة في الرجل والمرأة. فمن كان يشق عليه أن يقرأ هذا فليتدبر تاريخ الإنسانية قبل أن يفتح فمه، وليحاول أن يعلل هذا التاريخ على وجه مقبول معقول قبل أن يعترض. ثم فليتأمل حاضر الإنسان وليسأل نفسه عنه أتراه يختلف عن الماضي إلا في المظهر دون المخبر والجوهر؟؟

فالوفاء - فيما يتعلق بالرجل - أكذوبة ومنافاة للطبيعة، ولكنه فيما يتعلق بالمرأة صدق وإخلاص للطبيعة؛ ومن هنا أن المرأة لا تزال تتهم الرجل بالغدر والتحول والتقلب وقلة الثبات. وهذا هو تفسير الغيرة الشديدة من جانب المرأة، وهي غيرة لا تقاس إليها غيرة الرجل مهما عظمت، لأن غيرة الرجل على امرأته هي كغيرته على كل ما يملك؛ فإذا أمن أن يضيع ملكه لم يبال ما دون ذلك مبالاة تذكر؛ فغيرته في الكليات لا في الجزئيات والتوافه، ولكن غيرة المرأة مرجعها إلى إدراكها - بغريزتها الذكية التي تهديها في حياتها - إن الرجل لا يستطيع الصبر على الوفاء، ولا يملك إلا أن يتحول وينقلب في حبه، وإلا أن يصرف قلبه من هنا إلى هنا، فكل حركة منه أو لفتة نذيرٌ منه عندها بوشك هذا التحول، وفقدان ما كان لها عنده من مقام ومنزلة وإيثار، وعودتها واحدة من مئات الآلاف اللواتي لا يباليهن ولا يحفلهن ولا يحسهن أو يفطن إلى وجودهن، فهي غيرة على الوجود وكل ما ينطوي عليه من الحقوق والمزايا، ولذلك لا تنفك مشبوبة مضطرمة

ومن حق ذات الثوب الأرجواني أن تغار وتقلق، ويجب أن أكون منصفاً، فإني أنا أثرت غيرتها بطول النظر إلى جارتها، وأقول جارتها وإن كان بينهما مثل ما بيني وبينها هي من البعد

والحق أن جارتها جميلة فاتنة، ولست أحبها - على الأقل إلى الآن - ولكني لا أرى ما يمنع أن أحب الاثنتين معاً، فأن لكل منهما مزيتها وخصائص حسنها وتعبيرها الذي لا يشبه تعبير الأخرى؛ والسمراء ألين وأسلس في العنان على ما يبدو لي. نعم إن ذات الثوب

<<  <  ج:
ص:  >  >>