المرأة - إذا فقد سلاحُها قيمته فلم يعد جمالها يحدث أثره المطلوب في نفس الرجل فأنها تكون فيما تحس حيال هذا الرجل عزلاء لا حول لها ولا طول فلا يسعها إلا أن تخضع وتذعن وتروح تستجدي العطف وتلتمس الرضى، وتتوسل إليه باللين والمصانعة والتحبب والإغراء بعرض كل ما عندها من المفاتن. وكأني بذات الثوب الأرجواني قد خيل إليها أنها قد ضمنت حبي واستوثقت منه، فهي لا تباليني لأنها في ظنها مني على يقين، وأولى بها أن تعني بغزو قلب غير قلبي - قلب آخر لا يزال مستعصيا عليها نابيا في يديها - أما أنا فقد علق جناحي بالشرك فكيف الفكاك وأين المهرب؟ وهذا ظن كل امرأة معشوقة من الرجل الذي تعرف أنه يحبها وتأنس منه الصبر على دلالها، وليس يصرفها عن ذلك إلا أن تساورها الشكوك، وتدور في نفسها الوساوس، ويحك في صدرها الخوف من ملل الرجل وضجره من هذا العبث. ولو كانت تعرفني لخافتني فما أنا ممن يصبرون على هذا اللعب. وإني لأحبها - أو هكذا يخيل إليَ - ولكني فيما أظن أحب نفسي أيضاً. وحبي لها هو بعض حبي لنفسي، وليس الأمر على العكس، وحب الرجل للمرأة معناه أنه يريدها خالصة لنفسه، لينعم بها وحده، ويستأثر بالمتعة المستفادة من جمالها. وليس معناه أنه يريد أن يعذب نفسه وينقص عيشه ويسود وجه الحياة في عينيه. أما حب المرأة للرجل فمعناه أنها رأته - بغريزتها لا بعقلها فأنها تنقاد لغريزتها ولا تفكر بعقلها - أحق رجل بامتلاك زمامها والسيطرة عليها وأكلها وهضمها. فالرجل يحب نفسه حين يحب المرأة أما المرأة فأنها تطلب الرق وتسعى للتضحية الكبرى حين تحب الرجل. فهو لهذا أناني في حبه، وهي لهذا مضحية في حبها. فليس عجيباً أن تحتمل هي المكاره في سبيل الحب لأن حبها تضحية كبرى فأولى أن تصبر على التضحيات الصغرى، بل العجيب ألا تصبر ولا تحتمل. أما الرجل فهو كما قلت أنانيٌّ فلا صبر له على تضحية ولا احتمال منه للعذاب إلا وهو كاره أو عاجز عن الفوز بالراحة، لأن طبيعة حبه لا تبيح له أن يفهم هذه التضحية ولا تجعله مستعداً لها. ومن هنا كانت المرأة أوفى وكان الرجل أغدر بالمعنى الشائع لا الحقيقي، فأن الوفاء من الرجل إفلاس نفسي وخيانة لطبيعته التي فطر عليها. وهذا هو الأصل ولذلك رأينا الرجل في تاريخ الإنسانية يتخذ المرأة والمرأتين والثلاث والأربع وتكون له الجواري فضلا عن الزوجات أو من هن في حكمهن، ولم نر المرأة تتخذ من