ولم يكن يمتنع من أن يفخر بأجداده الأمويين، ويملأ الدنيا ثناء عليهم، ويفضلهم على الناس كلهم، على مسمع من العباسيين أرباب السلطان وأولياء الأمر، وأن يعرض في فخره بالدولة العباسية وزوالها، قال:
أنا ابن الأكرمين أباً وجداً ... وهم خير الورى عماً وخالا
أشدّهم إذا اجتلدوا قتالا ... وأوثقهم إذا عقدوا حبالا
وأرجحهم لدى الغمزات عوداً ... إذا الخفرات خلين الحجالا
(إلى أن قال):
وهم فتحوا البلاد بباترات ... كأن على أغرتها نمالا
ولولاهم لما درّت بفيء ... ولا أرعى بها العرب الفصالا
وقد علم القبائل أن قومي ... أعزّهم وأكرمهم فعالا
وأصرحهم إذا انتسبوا أصولا ... وأعظمهم إذا وهبوا سجالا
مضوا وأزال ملكهم الليالي ... وأية دولة أمنت زوالا؟
أما أخلاقه فقد كانت أخلاق الصيد من الملوك، لا أخلاق المداح من الشعراء، فقد ذكروا أنه كان عالي الهمة، عزيز النفس، متكبراً تيّاهاً، ذا بأو وصلف وعجب، وكان يتخذ العبيد والغلمان، ويأمر من يمشي بين يديه بالسيف فعل الملوك، وكانت له آمال سياسية، كان يرجو أن يبلغها من طريق المرتبة والولاية، فطلبها وألح في طلبها؛ فلما أيس منها عزى نفسه بأنه سيطلبها بالسيف، فهو يشبه في هذا المعنى المتنبي شاعر العرب الأكبر؛ يدلّ على آماله السياسية وطموحه إلى الملك شعره الذي سيمر بك عما قريب، ودعاؤه عقب كل صلاة:(اللهم ملكني مشارق الأرض ومغاربها)، وتيهه على ممدوحيه من الملوك والوزراء، وفخره بنفسه بين أيديهم
أما الشعر فكان ينظمه ترويحاً عن نفسه، وترجمة عن أدبه، ويمدح به من يمدح للأدب لا للنشب، وللوفاء لا للعطاء:
ولم أنظم الشعر عجباً به ... ولم أمتدح أحداً من أرب
ولا هزّني طمع للقري ... ض ولكنه ترجمان الأدب
إني بمدحك مغري غير ملتفت ... إلى ندى خضل الأنواء مطلوب