ولا عجباً، ولا يراه خلق إلا لها. . . واسمعه يقول لمؤيد الملك:
إليك أوى يا ابن الأكارم ماجد ... له عند أحداث الزمان طوائل
تجر قوافيه إليك ذيولها ... كما ابتسمت غبّ الرهام الخمائل
وعندك ترعى حرمة المجد فارتمى ... إليك به دامي الأظلين بازل
قليل إلى الري الذليل التفاته ... وإن كثرت للواردين المناهل
وها أنا أرجو من زمانك رتبة ... يقل المسامي عندها والمساجل
وليس ببدع أن أنال بك العلى ... فمثلك مأمول ومثلي آمل
كان هذا أمله في حله وترحاله، وغايته من اغترابه عن بلده، ونأيه عن أهله، وما كان يطلب مالاً ولا ثروة، وما كانت به حاجة للمال ولا ضاقت أرضه برزقه، ورزق عياله، واسمعه يقول لسيد الوزراء أحمد بن الحسين:
ولم نغترب مستشرفين لثروة ... فمرعى مطايانا بيبرين مبقل
ولكننا نحمي ذمار معاشر ... لهم آخر في المكرمات وأول
ومن سلبته نوشة الدهر عزه ... فنحن لريب الدهر لا نتذلل
ولو هو أراد الغنى لناله، لا سؤالاً واستجداء، ولكن على ظبي السيوف وأطراف الرماح، ولكنه يريد غاية بعيدة، دونها جرع الردى وحياض الموت، يسعى إليه بفتيان (من أمية) هم موقدو الحروب ومطفئوها:
ومن خاف أن يستصعر الفقر خده ... وفى بالغنى لي أعوجى ومنصل
ومكتحلات بالظلام أثيرها ... وهن كأشباح الأهلة نحّل
ولا صحب لي إلا الأسنة والظبى ... بحيث عيون الشهب بالنقع تكحل
وحولي من روقى أمية غلمة ... بهم تطفأ الحرب العوان وتشعل
سريت بهم والناجيات كأنها ... رماح بأيديهم من الخط ذبَّل
فحلوا حُبَى الليل البهيم بأوجه ... سنا الفجر في أرجائها يتهلل
وخاضوا غمار النائبات وما لهم ... سوى الله والرمح الرديني معقل
يرومون أمراً دونه جرع الردى ... تعلّ بها نفس الكمىّ وتنهل
فبتنا وقد نام الأنام عن العلى ... نسارى النجوم الزهر والليل أليل