من غير شك كنا نود لو أنها ساعفته حين أراد التعرض للجملة التي أخذها عن آخر صفحة ٩٤ فقد التبست عليه كلمة (طوق) بمعنى الوسع والطاقة بكلمة (طوق) بمعنى كل ما استدار بشيء، فاقترح الجملة التي يراها القارئ في مكانها من نقده. ولو كان هذا هو المعنى المقصود لكانت الجمل هي المثل الوحيد الذي جاء به الأستاذ على سوء الترجمة، لأن الجملة تصبح مضطربة غير مفهومة لو كانت كلمة (طوق) فيها معناها مدار كما فهم الأستاذ سماحة وكما تدل عليه جملته التي اقترح. ولو أن الأستاذ تجشم مراجعة الأصل في هذا أيضا لتدارك قلمه قبل ان يفرط منه ما فرط أو لعل الأستاذ سماحة راجع الأصل واستباح مع ذلك أن يتصرف في ترجمته. هذا التصرف الغريب لأنه من الآخذين بمذهب التصرف الواسع في الترجمة. وهو مذهب له أنصاره لسهولته.
ولأنه يحل شخصية المترجم محل شخصية المؤلف، ولعل هذا هو السر في أن الأستاذ سماحة عاب على المترجم أن سمح لشخصية مؤلف كتاب (النجوم في مسالكها) بالتغلب على شخصيته. ولو كانت المسألة مسألة مغالبة بين شخصيتين لكان هذا عيبا لكننا نفهم واجب المترجم على عكس ما يفهم الأستاذ، نفهمه على انه جهاد في سبيل إظهار شخصية المؤلف كما تتجلى في كتابه، وإخفاء شخصية المترجم تماما إن أمكن. واكبر صعوبة في الترجمة كما نراها هي في ذلك الإظهار وهذا الاخفاء، اذ ليس من السهل أن يتخلى مترجم عن شخصيته ويجتهد في تقمص شخصية مؤلف مكانها ليخرج للناس ترجمة تكون في اللغة المنقول إليها مثل الأصل في اللغة المنقول عنها. هذا مثل أعلى في الترجمة يقترب الإنسان منه كما يشاء من غير أن يبلغه. ويظهر أن الدكتور الكرداني قد نجح في الاقتراب منه إلى حد أن التبس الأمر على الأستاذ سماحة فظن المسألة مسألة شخصية غلبت شخصية، وما هي إلا مسألة مبدأ في الترجمة قائم على الأمانة والتضحية قد أفلح الأستاذ المترجم في اتباعه وتوخيه.
بقيت الملاحظتان الفلكيتان اللتان ذكرهما الأستاذ سماحة. فأما مسألة قدر ومرتبة فإنا نظن الحق معه فيها، وإن كان هذا ليس معناه أن يحرم مثل الأستاذ الكرداني من إبداء رأيه بصورة عملية في مسألة مصطلح من مصطلحات لم يستقر الناس فيها بعد على قرار. وإما مسألة رؤية عطارد فان القول الذي كان قاله الدكتور الكرداني من أنها صعبة نسبيا لا