للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الغني، وأخذته العامة من الخاصة. كان هذا الحق لنقصه وقصوره كنظرة أهل النار إلى أهل الجنة يضاعف ألم الحرمان ويجسم شقاء البؤس، ولكنه على أية حال كان ترضية لكرامة الشعب

ولقد كان في نفسي أن اطلب إلى وزارة الأمة أن تجعل المصايف مضايف تؤوي شرداء الطفولة وطرداء الفاقة، فتنقلها بذلك من الخصوص إلى العموم، وتحولها من تملق الكمال إلى معالجة الضرورة. فأفاريز الشوارع وأفواه الطرق وزوايا الأبنية مغطاة في الليل القارس القاسي بجسوم اليتامى والهمل من أطفال القاهرة، تترعرع في أحضانهم القذرة أغراس الرذيلة، وتتكاثر على روائحهم الكريهة جراثيم المنكر، والملاجئ وحدها علاج هذه الحال الأليمة. فإذا كان هذا الإلغاء لسد هذا الخلل وإصلاح هذا الفساد، فما عدوت الصواب ولا أخطأت الحزم؛ وأما إن كان لقلة المال أو ضعف الرغبة فقد قضيت على فكرة جميلة واعتديت على حق مقدس. . .). . .

وكان أمين قد سكت عنه الغضب، فنظر فيما اكتب ثم قال منفعلا: ما هذا؟ أين (الديباجة)؟ وأين ما يجب لمثل هذا العظيم من عبارات التفخيم؟ أرجو ألا تكمل! سآخذ كتابي وأسلمه إلى الباشا يداً بيد! فقلت له: أرحتني أراحك الله! وسلمته الكتاب يداً بيد، ثم صافحته يداً بيد. وخرج الحاوي وأنا ارجح أنى كسبت عدوا جديداً من جراء النشر في الرسالة

أحمد حسن الزيات

<<  <  ج:
ص:  >  >>