للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه أول مرة في تاريخ فرنسا تتبوأ فيها المرأة كرسي الوزارة؛ ويزيد الحادث غرابة وطرافة أن أولئك النسوة الوزيرات لازلن كباقي نساء فرنسا، محرومات بنص الدستور من مزاولة أبسط الحقوق العامة، أعني حق الانتخاب، وهو حق تجاهد المرأة الفرنسية للحصول عليه بكل ما وسعت، وتأباه عليها الحكومات والبرلمانات المتعاقبة

ولقد تخلفت فرنسا في هذا الميدان عن باقي الأمم الديموقراطية العظيمة مثل إنكلترا وأمريكا وروسيا حيث تتبوأ المرأة مناصب الحكم ومقاعد النيابة منذ أعوام بعيدة؛ وفي البرلمان الإنكليزي اليوم عدد كبير من النسوة النائبات، وفي الوزارة الإنكليزية القائمة سيدة هي مس بونفيلد وزيرة العمل؛ وفي أمريكا تشغل المرأة مناصب الحكم كثير من الولايات، وتحتل عدداً كبيراً من المقاعد النيابية؛ وفي روسيا السوفيتية تتمتع المرأة بجميع الحقوق السياسية والعامة التي يتمتع بها الرجل، وتشغل كثيراً من مراكز الحكم والنيابة في سائر الإدارات والمجالس السوفيتية، وأحياناً تشغل منصب السفارة، مثل السيدة الكسندرا كولانتاي، التي لبثت مدى حين سفيرة لروسيا في المكسيك ثم في السويد؛ بل نرى المرأة تفوز في بعض الأمم الفتية بحق الانتخاب والنيابة، كما حدث أخيراً في تركيا

كانت الحرب الكبرى ميداناً عظيما لجهود المراة، ففيها استطاعت لأول مرة أن تضطلع بكثير من المهام والأعمال الشاقة، وفيها لقيت الحركة النسوية المعاصرة فرصة عظيمة لنشاطها وظفرها؛ ومنذ غداة الحرب استطاعت المرأة أن تحقق كثيراً من أمانيها ومطالبها، فغزت جميع ميادين الحياة العامة، ونفذت إلى معترك الوظائف والمهن الحرة، وفتحت لها أبواب التعليم الجامعي بسائر أنواعه، ولم تعد تقتصر على مزاولة المهن السلمية الهادئة كالطب والمحاماة والصحافة؛ بل غدت تنافس الرجل في اشق الأعمال وأخطرها، كالهندسة والطيران وبعض الأعمال العسكرية والبحرية، وغيرها مما كان اضطلاعها به يعتبر من قبل ضرباً من المستحيل

ولكن المرأة مازالت ترد بعنف عن حظيرة التشريع والسياسة العليا، وعن مواطن المسؤولية العامة؛ وإذا كانت قد استطاعت أن تفوز في بعض الأمم بحقوق الانتخاب والنيابة، وأن تحتل بعض الوظائف الكبيرة، فإنها مازالت بعيدة جداً عن التأثير في سير السياسة العليا، وسير التشريع القومي؛ ومازال الرجل يستأثر وحده بتوجيه السياسة

<<  <  ج:
ص:  >  >>