كان يرى أن يقول للمحلفين تلك الكلمة المسرحية أو الخطابية التي قالها لاشو في سنة ١٨٥٥ وهو يترافع عن رودلف المتهم بدس السم إلى عشيقته (ميمي): (ها إن السماء تدوي لكأنها تكاد تنقض؛ إنكم تسمعون هزيم الرعد وعصف العاصفة!. . . إن السماء تزمجر سخطاً على ما على الأرض من إعنات. . . أنها تحتج معي على تلك الإجراءات!!). أو تلك الكلمة الهائلة التي صوبها إلى القضاة في مرافعته ضد الجنرال (تروش) بعد حرب السبعين، وكان تروش قد تهاون في قضية الإمبراطور، وكان الإمبراطور قد خلع، وكان الإمبراطور صديقاً شخصياً للاشو، قال:(. . . إنكم ستحكمون في قضية الجنرال تروش. . . ولكن التاريخ سيصدر حكمه على حكمكم!. . وسيقرأ التاريخ كل ما دار في هذه الجلسات. . فحذار أن تضحوا كل شيء مرة واحدة. . فيقول بنو الأجيال المقبلة: إن كل شيء في هذه الأمة قد ضاع (حتى العدالة نفسها!) لم يكن روبير ينحو ذلك النحو البلاغي في الدفاع، لان وظيفة المحامي عنده كما قال:(أن يقنع لا أن يلمع)، ولان الدنيا تغيرت، والمحاكم ضاقت، وصدور القضاة والحضارة نفسها أصبحت معجلة كأنها تريد أن تصل بالدنيا إلى آخر الدنيا. . .
إنما تلاميذ لاشو ولداته هم أولئك الذين يقولون مثلما قال باربو عن دلسبس:(. . . ذلك الإنسان الذي أضاف بعض الـ (رتوش) إلى صورة الخليقة كما أبدعتها يد الخالق. . .) أو مثل فكتور هوجو وهو يترافع عن ولده شارل ضد عقوبة الإعدام (. . هذه العقوبة التي إذا وقعت على مجرم جعلته يشك في وجود الإنسانية، فإذا وقعت على بريء جعلته يشك في وجود الله!. .)
أو مثل فكتور هوجو أيضاً وهو يترافع في هذه القضية، وإذا شئت فقل مثل النمر - الأب النصر كما سموه بعد الحرب الكبرى - اعني كليمنصو عندما ترافع عن أميل زولا عقب لابوري، فنقل عن هوجو تلك الإشارة البديعة إلى تمثل المسيح، وكان إلى ذلك الوقت يوضع خلف هيئة المحكمة في الجلسات وقال: (انظروا ورائكم، فهذه اكبر ضحية عرفها التاريخ لأخطاء القضاة!!. . . . . . وكانت قضية أميل زولا تدور حول إعادة النظر في قضية دريفوس، أو الهلباوي مثلا في قضية نزاهة الحكم، وبتلك الوثبة الذهنية البارعة، بل تلك الأعجوبة الرائعة الخالدة، عندما رد حفني بك محمود أحد المستشارين لشبهة عرضت