له فرفض الرد وأخذ الدفاع عن الخصم يعيِّر حفني بك بأن رده رفض وبأنه يتشكك حتى في القضاة، ويتهم حتى رجال العدل، قال هلباوي بك (. . . فلما عرضت له الشبهة في قاضيه لم ينخلع فؤاده فَرقًا، بل اقدم على أن يطلب الحقيقة عارية والعدالة مجردة، ليطمئن قلبه؛ وقديماً، وفي سبيل الاطمئنان قال موسى: (رب ارني انظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل، فإن استقر مكانه فسوف تراني. فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقاً. فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين)
فالاطمئنان الذي نشده موسى وظفر به، هو الاطمئنان الذي نشده حفني وظفر به! والذي حصل من حفني حصل من إنسان أسمى منه ألف مرة، وبالنسبة لمن؟ بالنسبة لمن هو أسمى من سعادة المستشار لا ألف مرة، ولا مليون مرة، ولكن بمقدار الفرق ما بين الإنسان وخالق الإنسان. .!!)
لا تجد لذلك التصوير وأشباهه نظائر عند هنري روبير، لكنك تجد له خواطر ممتعة تستحيل عند تلاوتها إلى حجج موضوعية في القضية المطروحة. ومثل ذلك ما نقلناه من قبل في ختام مرافعته عن بويورش؛ ومثل ذلك أيضاً ما جاء في مرافعته عن الدكتور لابورت فاستمع إليه يوجه نظر القضاة إلى الأطباء:
(. . . انظروا إلى تلك الغرفات الفساح في المصحات والمستشفيات حيث الهواء مشبع بسموم الدفتريا وجراثيم الطاعون، وانظروا إلى أولئك الرائحين الغادين في تلك الغرف أمام مرضى ينفثون الموت الزؤام من الشهقات الزفرات؛ هل علمتم على واحد منهم انه أجفل أو أنه ارتعد؟ هل تردد واحد منهم عن القيام بكل ما يفرضه عليه الواجب؟ ارجعوا إلى إحصاءات الحمى الصفراء والكوليرا، وأسالوا كم من هؤلاء الفرسان قد سقط في ساح الشرف! انظروا إلى هذه الطائفة وقولوا هل هي الطائفة المتمردة على القانون والتي يجب أن يضرب على أيديها ضربات البطش والانتقام!. . لا. لا. . إنكم ستجدون هؤلاء البنين البررة للعلم وللفن وللإنسانية قد وهبوا نفوسهم للعلم وللفن وللموت في سبيلهما؛ فهم تارة يصرعون الموت وتارة يصرعهم، لكنهم يستحقون الإعجاب في كل حال!!. .)
وكانت له وثبات في الارتجال يتناقلها الكافة؛ فمثل ذلك رده على النقيب درييه الذي جاء في صدر هذا البحث، ومثله ما رواه (جولندن) في (اشهر قضايا سنة ١٩٣٢) ولقد كان