للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالفعل، كما هو ظاهر. وهو مذهب الشافعي)

هذا ما قلته في المسالة، وقد رد عليه الأستاذ شيخ الشريعة من جهتين: من جهة لفظ الدليل وسياق الآيات الكريمة، ومن جهة الحكمة الشرعية والفلسفة الإسلامية. فقال في الوجه الأول: (إن السورة الشريفة مسوقة لبيان خصوص الطلاق وأحكامه، حتى إنها قد سميت بسورة الطلاق، وابتدأ الكلام في صدرها بقوله تعالى: (إذا طلقتم النساء) ثم ذكر لزوم وقوع الطلاق في صدر العدة، أي لا يكون في طهر المواقعة ولا في الحيض، ولزوم إحصاء العدة وعدم إخراجهن من البيوت، ثم استطرد إلى ذكر الرجعة في خلال بيان أحكام الطلاق، حيث قال عز شانه: (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف) أي إذا اشرفن على الخروج من العدة فلكم إمساكهن بالرجعة أو تركهن على المفارقة، ثم عاد إلى تتمة أحكام الطلاق فقال: (وأشهدوا ذوي عدل منكم) أي في الطلاق الذي سيق الكلام كله لبيان أحكامه، ويستهجن عوده إلى الرجعة التي لم تذكر إلا تبعاً واستطراداً)

وأما أن السورة مسوقة لبيان خصوص الطلاق وأحكامه حتى إنها سميت سورة الطلاق: فنعم. ولكن هل معنى هذا أنها مسوقة لأحكام إنشاء الطلاق وإيقاعه: من اشتراط حصوله في قبل العدة، ومن وجوب الإشهاد عليه، لا غير؟! ما أظن أحداً يرضى أن يدعي ذلك! ولو سميت السورة سورة الطلاق!!

فإن في السورة اثنتي عشرة آية، فيها نحو من خمسين ومائتي كلمة، لم يذكر فيها من الأحكام الخاصة بإنشاء الطلاق وإيقاعه إلا إحدى عشرة كلمة في الآيتين الأوليين. ثم سيق نصف السورة تقريباً لبيان الأحكام المتعلقة بالطلاق عامة، من إنشاء وإيقاع، ومن إمساك بمعروف أو مفارقة بمعروف، ومن عدة وإنفاق وإسكان وإخراج وأجرة إرضاع، ومن بيان لحدود الله في الطلاق ووعيد شديد لمن تعداها، ومن ترغيب في تقوى الله والتوكل عليه، كل أولئك في الآيات السبع الأولى من السورة الكريمة ثم سيق سائرها لأشياء أخرى ليست لها علاقة بالطلاق

فهل كل هذا ذكر تبعا لسبع كلمات في الأحكام الخاصة بإنشاء الطلاق في الآية الأولى، ولأربع كلمات في الآية الثانية؟! كلا! إنها سورة الطلاق، ذكر فيها كثير من أحكامه عامة، وسيق نحو نصفها لإرشاد الرجال إلى ما يجب عليهم عند الطلاق وبعده، وكل ذلك أصل

<<  <  ج:
ص:  >  >>