(مع صور للجنة والجحيم من القرآن الكريم)، ورؤيا يوحنا اللاهوتي، وبعض مجازفات أوليسيز من (الأوديسه)، وأسطورة أرفيوس، ورحلة هرقل إلى هيدز، والجزء السادس من أنيد فرجيل، ونتبع ذلك بخلاصة لكوميدية دانتي بأجزائها الثلاثة: الجحيم، والمطهر، والفردوس، ثم نقفي بمقارنة تاريخية لن تضر شاعرنا العربي العظيم في شيء، لأنه ليس ضيراً ألا يكون دانتي قد احتذى مثال أبى العلاء أو قلد أسطورة المعراج
١ - رسالة الغفران
أرسل علي بن منصور الحلبي المعروف بابن القارح إلى أبى العلاء رسالة إضافية تستفتيه فيها عن بعض مشكلات النحو والصرف، ثم يبدي (غيضه على الزنادقة والملحدين، الذين يتلاعبون بالدين، ويرومون إدخال الشبه والشكوك على المسلمين، ويستعذبون القدح في نبوة النبيين، ويتطرفون ويبتذئون - إعجاباً بذلك المذهب: (تيه مغن وظرف زنديق). . .) ويلم بأخبار بعض الزنادقة كبشار والقصار الأعور والصناديقي والوليد بن يزيد وأبي عيسى بن الرشيد والجنابي والحلاج وابن أبي العُذافر. . . الخ. . . ويشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم إشارة لها معناها، ثم يذكر شيئاً عن حجه وأسفاره وتحصيله لعلوم اللغة. . . ويتبسط في الحديث كأنما رفعت الكلفة بينه وبين أبي العلاء فيضع بين أيدينا مفتاح رسالة الغفران. . .
وقد قرأنا كل ما كتبه أدباؤنا عن رسالة أبي العلاء فراعنا أن واحداً منهم لم يعرض لرسالة ابن القارح بكلمة، وراعنا أن واحداً منهم لم يتوفر على دراستها ليدرك العلاقة بين الرسالتين، وكان يؤلمنا أن بعض أدبائنا لم يكن يدري من أمر رسالة الغفران شيئاً إلا إنها تهكم وسخرية بابن القارح؛ مع أنها رجع الصدى لزندقته وإلحاده
قال ابن القارح في ختام رسالته: (كنت بتنيس وبين يدي إنسان يقرأ، ويحزن،: (يُوفون بالنّذْر ويخافون يوماً كان شرُّه مستطيراً؛ ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً؛ إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً؛ أنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً؛ فوقاهم الله شر ذلك اليوم، ولقاهم نَضرَة وسروراً؛ وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً؛ متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً، ودانية عليهم ظلالها، وذُللت قطوفها تذليلاً؛ ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا، قوارير من