مقنعة للنفس بما تتطلبه من الشعر، وأن كان للناقد فيها مواقف للمؤاخذة
الشاعر قليل العناية بالملائمة بين المعاني التي تناولها، ففي القصيدة كثير من الأبيات التي يقول عن مثلها نقاد الأدب من القدماء:(أبناء علة) أي أنها متنافرة تنافر الاخوة غير الأشقاء مثل هذين البيتين:
لو كان للنبت إحساس رأفت به ... وبت للنبت أيضاً غير أكال
كأنما قريتي مادمت ساكنها ... ولاية وكأني العمدة الوالي
وبينما تجده يمدح عشرة من يعاشرهم وما يلقاه فيها من عاطفة، إذ بك تراه ينعى على قومه انهم لا يساعدونه في حمل أعبائه كما قام بأعبائهم، وهوانه ليدهم إلى أن يقول في هذا:
ولو بليت بجبارين ما بلغوا ... مدى الأحبة من قهري وإذلالي
فيبدو في ذلك كأنه متناقض؛ والواقع انه يريد من الأولين الذين يبدي ارتياحه إلى عشرتهم - أبناء قريته؛ أما الشكوى فممن عداهم من أبناء البلاد، ولكنه لم يبين، بل مزج الكلام وراح يتحدث عن الفريقين كأنهم فريق واحد!
قرأت هذا البيت:
أعدهم لغد والمقبلين غدا ... في هذه الأرض أجنادي وأبطالي
فوقفت عند (أجنادي وأبطالي) ما شأنهم؟ أيخبر بهم عن (المقبلين) إذن يجب أن تكون (المقبلون) ولكن في الهامش أن الواو للعطف، فيبقي (أجنادي وأبطالي) لا شأن لهم بما قبلهم ولا بما بعدهم
وهو يفسر هذا البيت:
ما أحسن الشمل أرعاه وأشهده ... لأمهات وآباء وأطفال
بما بعده:
فلا أرى فرقة في الدهر قاطعة ... لمطمئن وخفاق وجوال
ولا يصاب هديل في أليفته ... ولا الغضنفر في غيل وأشبال
وعلماء الأدب يعدون من عيوب المعاني ألا يستكمل التفسير أفراد المفسر؛ فهو قد بين شمل الآباء والأطفال بقوله:(ولا الغضنفر في غيل وأشبال) ولم يأت بذكر الأمهات، وزاد الأليفة