كأنني - وهم في الدار - مطلع ... منهم على أمم شتى وأجيال
أعدهم لغد والمقبلين غدا ... في هذه الأرض أجنادي وأبطالي
ويصف حياته في الريف واعتزاله فيه، ثم يشكو من إهماله شكاية لا يلبث بعدها أن يعود إلى ذكر قناعته بما يزاوله في الريف قائلا:
إن لم يكن لي ديوان وحاشية ... يوما فحسبي محارثي وأنوالي
وهو صاحب الشعر السياسي، فلا بد أن يفخر بما أبداه في شعره من الآراء النافعة في الحياة السياسية عاتباً على القوم إهمالهم له، فيقول:
الست ممن دعا الأحزاب فائتلفت ... إلى الذي فيه كانوا أمس عذالي
أرى المودة بالقنطار بينهمُ ... ولم أفز بينهم منها بمثقال
ثم يتكلم في المحادثات الجارية الآن بين الجانبين: المصري والبريطاني كلاما جامعاً، على قصره، ويصيب به الغرض فيقول:
ولم أزل بينهم للخصم متقيا ... دخائلاً هي في ذهني وفي بالي
أخشى على رسلهم نياته وهمُ ... منه أمام جلاميد وأدغال
وما تزال كما كانت سياسته ... يدور فيها بألوان وأشكال
وموضع الند أرجو عنده لهم ... لا موضع الصيد من أنياب رئبال
إلى أن يقول:
وكم يكون لهم من ضيقهم فرج ... كما تدافع أهوال بأهوال
ثم يعطف على إخوانه الشعراء فيتألم لعدم نيلهم ما يستحقون، ويخاطبهم بقوله:
وتملكون من الدنيا سرائرها ... ولا تحلون منها الموضع العالي
وما يتاح لكم في الأرض متسع ... كما يتاح لعراف ودجال
ثم يدفع ما يقال من انقضاء الشعر بعد شوقي وحافظ بان مصر ملأى بأشباهه من الشعراء، وهو، باعتزازه، يرى في أن هذا الكفاية، إلى أن يقول في ذلك:
إن لم ير الحي بعد الميْت منزلة ... منهم فلا خير في المحزون والسالي
والقصيدة - كما ترى - ليس لها وحدة، ولا تدور حول فكرة، وإنما موضعها شاعر يقول فيما يحس به من الحياة القروية ويعبر عما يخالجه نحو بعض الشؤون العامة؛ وهي ممتعة