ورافعين من البنيان شاهقه ... فيه الذخائر قد صفت لرائيها
فبينما هو يغض من شأن الآثار ويقول عنها في الأبيات التي قبل هذا البيت: خرق وخزفات. . إذ به يسميها ذخائر! ولو صح عنده أنها ذخائر ونفائس لما كان هناك موضع للسخرية من الاهتمام بها؛ على أنني لا أدري لماذا يحمل الأستاذ الزين على الآثار هذه الحملة العنيفة، هل العناية بها تمنع من تقدير ذوي المواهب؟
قد يقال: إن الشاعر لا يُنقد في رأيه؛ ولو خالف به ما أجمع عليه الناس، مادام قد اخرج ما ذهب إليه مخرج لطف وإبداع. هذا صحيح ولكن هذه القصيدة تعد من الشعر الكتابي الذي يمحص فيه الرأي، لذلك ولأن القصيدة ذات أثر في نفوس الجمهور احب أن أناقش الشاعر في رأيه هذا، فماذا لو أنه جمع بين العناية بالبحث عن الآثار القديمة وبين تقدير ذوي المواهب؟ على أن الأستاذ الزين نفسه يعمل في البحث عن الآثار القديمة، ويدأب في دار الكتب على كشف كنوزها، وينشئ لها من تحقيقه وتصحيحه ما يجدد باليها ويحفظ، وهو الآن يعمل في كتاب نهاية الأرب، وهو أثر من الآثار العربية القديمة
أفيجب أن يكف الأستاذ عن عمله هذا حتى يلتفت الناس إلى تقدير المواهب والعناية بالنوابغ؟ أم هو رأي شاعر كالزهرة ينبغي مسها برفق لأن العنف بها يودي بنضرتها. . .
في قريتي
يتحدث الأستاذ أحمد الكاشف في هذه القصيدة عن حاله في قريته وما يتصل بها في غيرها حديثاً تنفحك منه ريح الفطرة المحببة، وتجد فيه روح الشعر الجاهلي المرسل على طبيعته لا يُعرِّج على عمق ولا يرهق حساً؛ فالشاعر يسترسل في بيان ما يشعر به استرسال شعوره بما يترجم عنه، وقد جاءت القصيدة مطبقة لكل ما يحيط بشاعر معمِّر مثل الكاشف قد طبع على الشعر، ومر به من الحوادث ما يستفيد منه شاعر متيقظ الذهن، يقيم في قرية يطل منها على الحياة العامة في سائر البلاد؛ فهو يَطلعُ علينا بقوله:
جمعت في العيد حولي سائر الآل ... وملتقى الآل حولي كل آمالي
ويمضي في مثل هذه لديباجة العربية وهذا الأسلوب الجزل يعرض شأنه مع آله، ويتمثل الأجيال المقبلة من النشء الذين يرعاهم ويعدهم للغد، في قوله: