للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كأنما في الأمر شر. . ويكبر هذا في وهمي أحياناً حتى لأترك البيت لغير سبب أو داع سوى أن أعفيك من عنت أهلك، وأطلق لك الحرية التي يقيدونها بسببي. . وإذا جلست في الشرفة تعمدت أن أحول عيني إلى ناحية أخرى وإن كان هذا حرماناً لي لا حق لهم فيه، ولكني من أجلك أحتمله وفي سبيلك أصبر عليه. وليت من يدري بأي شيء لفت نظر أهلك إلى حبي لك وأنا أتحاشى كل إشارة؟ بل أنا أجتنب أن أنظر إليك حين يكون معك أحد ولو كان طفلاً صغيراً. . فهل ترى حدثتهم أنت بما أحسست من ناحيتي؟؟ ربما. . فإن كنت قد فعلت فأنت طائشة، فقد جعلت على نفسك منهم رقباء بلا موجب، فما بيننا شيء سوى النظر (وهل ذاك نافع؟) كما يقول الشاعر القديم. . وقد حدثت نفسي أمس أن أشتري ورداً أحمر، فأنك تحبينه على ما يظهر، وأن أشير به إليك، ولكني لم أفعل وقلت لنفسي: (ما الفائدة؟. هبني أشرت وأشرت وهبها أجابت وأجابت؟؟ أفنظل أنا أشير إليها من بعيد، وهي تجاوبني من بعيد؟؟ ثم لا شيء غير ذلك. . عرفنا أنا محبان ثم ماذا بعد هذا؟؟ هي تظهر في الشرفة، وأنا أنظر إليها من الشرفة. . هي في السماء نجم لامع، وأنا فوق الأرض عين يرفعها إليه قلب واجف!! كلا! لا ورد ولا شبهه!. ما الفائدة؟. ما الفائدة؟. إني أراني أرجع القهقرى قروناً. . بل أنا لا أرجع ولا أتقدم. . وإنما أرى الحياة تركد وتأسن من حولي لأن ذات الثوب الأرجواني شاءت أن تكون قطعة من أثاث بيت فهي فيه لتكون زينة له لا لتحيا وتنعم بالحياة. . وأثارني هذا الخاطر فغضبت وسخطت وأحسست أن نفسي امتلأت مرارة حتى لو وجدت طعمها على لساني. . . سخطت على نفسي لأني خيل إلي أني إنما أحب فتاة ساذجة يسرها أن تكون محبوبة وتقنع من الحب بأن تنظر إلى الرجل وترى الرجل ينظر إليها. . . وغضبت لأني رأيت أن هذه مهزلة فأنا أذوي نفسي، وأمزق أعصابي، وأحرق دمي، وهي تظن أني مغتبط راض قانع بمرآها في هذه الأثواب العديدة التي لا تنفك تخلع منها واحداً وتلبس آخر؟. وما أكثر ما آليت لأسحقن هذا الحب ثم ما هو إلا أن أراها ناظرة إلي حتى يتحلل العزم وينقض ما كنت أبرمته منه. فالحق أن هذه مصيبة لم تكن لي في حساب ولا كان يخطر لي في بال أنها ستنصب يوماً على أم رأسي. . وانظر ماذا تصنع معي!! تبدو لي في الأرجواني، وتبقى فيه حتى أراها - أعني حتى توقن أني رأيتها فأني أراها كثيراً وهي لا تراني - فإذا وثقت دخلت وغيرته!! أليست هذه

<<  <  ج:
ص:  >  >>