وبلغ جبّل بعد أن سار زهاء سبعة عشر فرسخاً فنزل عند أبي نصر الجبلي كما تقدم. ثم أخذ طريقه حتى حاذى النعمانية وهي في نصف الطريق بين واسط وبغداد ثم سار فمر بجرجرايا على أربعة فراسخ إلى الجنوب والشرق من دير العاقول ثم تقدم حتى قارب الصافية وبينه وبين بغداد ستة عشر فرسخاً
وهنالك خرج عليه فاتك بن أبي جهل الأسدي خال ضبة ابن يزيد الذي هجاه أبو الطيب. وكان فاتك في نيف وثلاثين فارساً رامحين وناشبين وكان مع أبي الطيب ابنه محسد وغلمانه الذين وصفهم في القصيدة الميمية التي رثى فيها فاتكا وفي قصيدة توديع ابن العميد كما تقدم
ولا ندري كم كان غلمانه ولكنهم كانوا ولا ريب أقل عدداً من عدوهم
قاتل الشاعر الشجاع حتى قتل. وقتل ابنه. وأكثر الروايات تخص من بين غلمانه غلامه مفلحاً. وفي الخزانة أنهم قتلوا كل من كان معه. وما أحسب الغلمان ثبتوا كلهم بعد قتل سيدهم. وفي رواية الخزانة أيضاً (وحمل فاتك على المتنبي وطعنه في يساره ونكسه عن فرسه. وكان ابنه أفلت إلا أنه رجع يطلب دفاتر أبيه فقنع خلفه الفرس أحدهم وحز رأسه)
(قال أبو نصر: ولما صحّ خبر قتله وجهت من دفنه ودفن ابنه وغلمانه وذهبت دماؤهم هدراً)
ردي حياض الردى يا نفس واتركي ... حياض خوف الردى للشاء والنعم
إن لم أذرك على الأرماح سائلة ... فلا دعيت ابن أم المجد والكرم