للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرجعة إذا كانت بعد انقضاء العدة، وببطلانها إذا كانت بعد الطلقة الثالثة وهكذا

وهذا المعنى قد أوضحته مراراً في كتاب (نظام الطلاق في الإسلام)، فمما قلته (ص٦٠ - ٦٣):

(وليس المقصود من الطلاق اللعبَ واللهوَ، حتى يزعم الرجلُ لنفسه أنه يملك الطلاقَ كما شاء، وكيف شاء، ومتى شاء؛ وأنه إن شاء أبان الْمَرْأَةَ بَتَّةً، وإن شاء جعلها معتدةَ يملك عليها الرجعة)

(كلا، ثم كلا، بل هو تشريع منظم دقيق من لَدُنْ حكيم عليم، شَرعَهُ الله لعباده ترفيهاً لهم، ورحمة بهم، وعلاجاً شافياً لما يكون في الأسرة بين الزوجين من شقاق وضرار، ورَسمَ قواعدَه، وحدَّ حدودَه بميزان العدالة الصحيحة التامة ونهى عن تجاوزها، وتوعد على ذلك. ولهذا تجد في آيات الطلاق تكرار ذكر حدود الله، والنهيَ عن تعديها وعن المضارَّة: (تلك حدود الله فلا تعتدوها. ومن يتعد حدود الله فأؤلئك هم الظالمون). (وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون). (ولا تمسكوهن ضِراراً لتعتدوا، ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه، ولا تتخذوا آيات الله هزُوا) (واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فأحذروه))

(وهو تشريعٌ تَقَطَّعَتْ دونه أعناق الأمم قبل الإسلام وبعده، وهأنت ذا ترى الأمم العظيمة التي تزعم لنفسها المدنية ويزعمها لها الناس: - تحاول إصلاح نظام الأسرة، وتشريع القوانين لديها للطلاق، فلا تصل إلى شيء معقول، بل هي تتخبط في الظلمات، وتأتي بالبلايا والمضحكات وذلك أنها تصدر في تشريعها عن العقل الإنساني القاصر. أما التشريع الإسلامي فأنه وحيٌ الهي كريمٌ، أَرسَل به أعظم رجل وأعقل رجل ظهر في هذا الوجود، وأمره أن يفسره للناس ويبينه لهم، ثم يحملهم على طاعته والعمل به)

(وإنما المقصود من الطلاق في هذه الشريعة النقية الواضحة الكاملة: أن بين الزوجين عقداً - كسائر العقود - على المعايشة والمعاشرة بالمعروف، فإن هما فعلا تحقق المقصد الصحيح من الزواج وطاب عيشهما، وإن هما تباغضا وتنافرا وخافا ألا يقيما حدود الله ورغبا في الفراق، فهما كغيرهما من كل متعاقِدَيْن: لهما أن يتفقا على الانفصال في مقابل عوض من المرأة للرجل، كما تعاقدا في أصل النكاح في مقابل الصداق من الرجل للمرأة. وبذلك جاء نص القرآن الكريم: (فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت

<<  <  ج:
ص:  >  >>