فترى أن أكثر العناية في قوة الألفاظ وقوة القافية، وهذا موائم لحال المعنى؛ ولكن هذه الأبيات، بل القصور المؤلفة من صخور الكلم وجلاميد القوافي لا تملأ جوانبها روح الشعر، ولقد وصف الشعر في هذا البيت من القصيدة:
ومن الشعر قصور فخمة ... وقبور موحشات وحفر
بما ينطبق على شعره، فهو يقدم الشعر، من حيث الجودة والرداءة إلى القصور الفخمة والقبور الموحشة، فيعبر عن الشعر العالي بالقصور الفخمة وإن كانت غير آهلة!
سرد الشاعر القصص مبيناً فيها مواطن ثورة القدر، وفي جميعها لم يثر القدر إلا على أقوام أبوا إجابة دعوة الرسل وسخروا منهم وأفسدوا في الأرض فكان ما نزل بهم عقاباً لهم على طغيانهم؛ ثم أخذ يصف هذا القدر المعاقب بالظلم والبغي، فيقول:
ينصب الظلم على مخلبه ... ما تمنى من قصور وسرر
وترى البغي على أنيابه ... ناعم الروحات ريان البكر
فكيف يتفق رميه القدر بالظلم والبغي مع ما قدمه قبل ذلك من الإشادة بعدله في صرع المتجبرين العاصين؟!
والشاعر يتحدث في آخر القصيدة عن الشعر وعن موسم الشعر بدون مناسبة للموضوع، ولو كان ثمة مناسبة لكان استطراداً مقبولاً
ولقد أحسن في وصف من أغرقهم الطوفان بقوله:
غمر القوم فهم في جوفه ... فتنة غرقى وكفر مستسر
أمم كالملح ذابت وقرى ... ذهبت كالحلم أو وهم خطر
فقد ألم في هذين البيتين بمعان سرية ودل عليها بأوجز لفظ
لامية نسيم
بي فوق ما بك منهم أيها الطلل ... لك البلى ولي التبريح والعلل
محتك من عاصيات الريح سافية ... وواكف من شآبيب الحيا هطل
أود أن أعرف أين الطلل الذي يخاطبه الأستاذ أحمد نسيم هذه المخاطبة، فما أظن من كان يحبها إلا ساكنة في (عمارة) أو (فيلا) أو في بيت عادي على الأقل. وإذا ارتحلت عن مسكنها فلابد أن يحل محلها من يعمره؛ وهو إذا بكى فلابد من هدمه وبنائه من جديد، فلا