واستقام. وكان شاطئه مجهدا مرهقا في السير لغزارة رماله، فقام إلى جانبه افريز ممهد سهل يجعل السير فوقه متعة من متع الحياة. وكانت (اكشاكه) على غير نسق، يقوم فيها الكبير إلى جانب الصغير، والوجيه إلى جانب القمئ، والعالي المشرف إلى جانب المنخفض الوضيع. فتناوله الذوق السليم بالتهذيب حتى أصبح في صورتهالحالية درجات متماثلة بعضها فوق بعض كأنه القلادة الفرعونيه تزين صورةذلك الشاطئ الجميل. هذا هو الشاطئ نفسه ما بين يومه وأمسه٠٠٠ أما أهله فهم هم أهل (ذلك) الزمان. وأما زيهم فهو زي (هذا) الزمان! فمن أراد أن يثور بالشاطئ فلست أدري لم لا يثور بكافة الطرقات التي تغشاها السيدات؟ وهل أنت ترى فوق ذلك الشاطئ إلا من ترى في الترام وفي غير الترام من مسالك الإسكندرية وشعابها؟ إنهم وحق أبيك ليس فيهم من خلق جديد، ولكنهم يبدون في الطريق بزي الطريق وينزلون إلى البحر في زي البحر. فانظر أية الزينتين أدعى للفتنة وأيتهما أقرب إلى الفجور؟. . .
هذه سيدة في عربة الترام تراها وثوبها يغطي جسمها (وقبعتها تغطي رأسها) وحذاؤها يغطي رجليها. فهل حقيقة تغطى شيء من ذلك؟ ألست ترى تحت القبعة شعراً مصفوفاً وجدائل بعضها يتدلى فوق الأذن، وبعضها يزين الجبهة. وبعضها يمر فوق الخد لتلعب ضدية الألوان دورها في إبراز محاسن العنصرين. . . إشراق الوجنة، وفحومة الخصل؟! ثم انظر ماذافعل الثوب بالجسم؟ ألم يفصّله تفصيلاً؟ ألم يلف مفرطحه وينهض بمسترخيه؟ ويضغط هنا وينسدل هناك؟ ثم ينشق فوق الصدر تلك الإنشقاقة الماكرة التي يبدو منها انفلاق الثديين! إنما مثل هذا الذي يفعله الثوب في جسم صاحبته كمثل المعلم الذي يمسك (بمؤشره)
فيؤشر به لتلاميذه على هذا الموقع من الخريطة حيث (مجمع البحرين) وعلى ذلك حيث (مفرق الجبلين) وهكذا. . . .
إن كل قطعة في لباس المرأة العصرية إنما يؤدي اليوم غرضاً واحداً هو إبراز ذات المحاسن التي كان المقصود به أن تسترها.
أمّا اعتبارات الجد والاحتشام وما إلى ذلك من تلك الأغراض التي أتخذ الإنسان الأول من أجلها اللباس فقد انطوت مع أهلها ومع زمانها. . . ثم دعني أعود بك إلى الحذاء. أفلا