ذات مغزى جليل تثبت أن الحرية لا الإرغام هي التي تمسك أجزاء الإمبراطورية وتمنعها من التصدع والانهيار، وهي أول إمبراطورية قامت في تاريخ العالم ينطبق عليها هذا المبدأ
وأول ما نشأ عن مطالبة أجزاء الإمبراطورية أن تشترك اشتراكا أوسع من ذي قبل في الإشراف على شؤونها أن دعيت طائفة من الساسة يمثلون الأملاك المستقلة والهند لينضموا إلى عضوية (المجلس الحربي) وكان لهؤلاء الأعضاء شأن كبير في تقرير السياسة التي اتبعت في آخر أدوار الحرب، وكان يظن أن هذا سيؤدي إلى وضع نظام للتعاون بين أجزاء الإمبراطورية أدق وأوفى بالغرض من النظام القديم. لكن شيئاً من ذلك لم يحصل لسبب رآه المتتبعون لسير الحوادث نذيراً بانحلال الإمبراطورية في المستقبل، ذلك أنه لما عقد مؤتمر الصلح حضره مندوبون عن الأملاك المستقلة والهند، ولكنهم لم يحضروه من حيث هم أعضاء في وفد الإمبراطورية البريطانية فحسب، بل من حيث هم ممثلون لبلادهم أيضاً، ثم وقعوا المعاهدات كممثلين لدول مستقلة، ولما تكونت عصبة الأمم ظهرت الأملاك المستقلة والهند مرة أخرى وإن كان ظهورها في هذه المرة اختلف بعض الاختلاف عنه في المرة السابقة؛ فقد جعلت الإمبراطورية البريطانية من حيث هي وحدة قائمة بذاتها عضواً دائماً في مجلس العصبة، لكن كندا واستراليا وزيلندة الجديدة وجنوب أفريقية والهند أصبحت كلها أعضاء في الجمعية العمومية للعصبة لها ما للدول المستقلة، وأصبحت كندا بالفعل عضواً من أعضاء المجلس غير الدائمين. ويرى البعض في هذه الظواهر دليلاً على أن الإمبراطورية لا ينظر إليها في هذه الهيئة العالمية كما ينظر إلى وحدة سياسية، بل يعامل كل جزء من أجزائها معاملة دولة مستقلة ذات سيادة، ويعزز هذا أن تلك الأملاك أعطيت حقها كاملاً غير منقوص في بحث المسائل الدولية داخل العصبة أو عن طريقها، وأن الذي تبحثه ليس هو السياسة التي يجب أن تسير عليها الإمبراطورية المؤلفة من هذه الأملاك، بل إنها تشترك في البحث اشتراك الدول المستقلة
وهكذا أظهرت الحرب ولاء أعضاء الإمبراطورية لها، ولكنها أعقبها ضعف ظاهر في الروابط التي تؤلف بين هؤلاء الأعضاء. فالأملاك المستقلة تطلب لنفسها حق تعيين سفراء من قبلها لدى الدول الأجنبية وأصبحت تتمتع بهذا الحق دون معارضة، فقد عينت كل من