للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كندا وأيرلندة سفيراً لها في واشنجتن، وتطالب هذه الأملاك أيضاً بحق عقد المعاهدات مستقلة مع الدول الأجنبية. وقد عقدت جنوب أفريقية بالفعل معاهدة مع ألمانيا. واعترفت بريطانيا نفسها بهذا الانحلال التدريجي وبتفكك وحدة الإمبراطورية السياسية فقد نص في معاهدات لوكارنو صراحة على أن بريطانيا وحدها هي التي تربط بالتعهدات المدونة في هذه المعاهدات وأن الأملاك المستقلة لا شأن لها بها. ووضع هذا النص بناء على طلب الأملاك المستقلة نفسها لأن السياسة التي قامت عليها هذه المعاهدات لم تكن وليدة اتفاق عام بين أجزاء الإمبراطورية بل قررتها بريطانيا بمفردها إذ لا توجد أداة لوضع سياسة عامة تسير عليها الإمبراطورية

وبهذه الطريقة أصبحت الإمبراطورية البريطانية بعد الحرب هيئة سياسية مفككة العرى؛ فليست هي دولة واحدة إلا في خضوعها خضوعاً اسمياً لتاج واحد، وليست هي دولة تعاهدية أو حلفاً قانونياً أو عصبة مجتمعة تعرف بها، وذلك لأنه لا توجد معاهدة تحتم على أعضائها الاشتراك في العمل. وإنما هي شركة مفككة مكونة من دول مستقلة تربطها بعضها ببعض عاطفة ومصالح مشتركة ولكل عضو فيها كامل الحرية في أن يختط لنفسه الخطة التي تلائمه في أي وقت شاء. واعترف بهذا اعترافاً كاملا صريحاً في المؤتمر الإمبراطوري الذي عقد في عام ١٩٢٦ والذي كانت قراراته من أهم الحوادث البارزة في تاريخ الإمبراطورية البريطانية. وقد يرى فيها المؤرخون في المستقبل تسجيلاً نهائياً لترك كل محاولة ترمي إلى تدعيم وحدة الإمبراطورية السياسية واعترافاً بانحلال هذه الإمبراطورية انحلالاً ودياً نهائياً. والدليل على ذلك أن الأملاك المستقلة أعضاء في عصبة الأمم تربطها بها روابط وثيقة وليست أعضاء مرتبطة في جسم الإمبراطورية

ومع هذا فإن الأملاك المستقلة (مع جواز استثناء دولة أيرلندة الحرة وجنوب أفريقية) تعد نفسها مرتبطة بالإمبراطورية برباط أقوى مما بينها وبين العصبة. وإنما الفارق بين الهيئتين أن العصبة أوجدت أداة للاستشارة المشتركة، والعمل المشترك أحكم من كل ما فكرت فيه الإمبراطورية. فللعصبة جمعيتها العمومية التي تنعقد بانتظام في كل عام والتي تدور فيها المناقشات العامة، وللعصبة مجلسها الذي يجتمع ثلاث مرات في السنة. أما الإمبراطورية فليس لها إلا المؤتمر الإمبراطوري الذي يجتمع مرة في كل أربع سنوات

<<  <  ج:
ص:  >  >>