للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الولايات المتحدة الأمريكية وتحقق الفكرة التي يدعو إليها بعضهم لتكون علاجاً لما نزل بأوروبا من الكوارث وهو إنشاء ولايات متحدة أوربية وإن كان الأمل في تحقيق هذه الفكرة ضعيفاً. على أن الصعاب القائمة في وجه هذا المشروع البريطاني كبيرة جمة. منها أن الأملاك المستقلة والهند لم تظهر دليلاً على استعدادها لترك سياسة الاكتفاء بالنفس التي تسير عليها أو تسمح بدخول البضائع البريطانية التي تنافس منتجاتها إلى بلادها، ومنها أن الرخاء الذي تتمتع به معظم البلاد التابعة للإمبراطورية ناشئ من قدرتها على الاتجار بكامل حريتها مع جميع بلاد العالم وان الأمم التجارية الأخرى تعارض في نقص هذه السياسة. وزيادة على ذلك فإن المعاهدات التي تحتم على كثير من الأملاك البريطانية وبخاصة ما كان منها تحت الانتداب أن تسوى بين بضائع جميع الأمم في بلادها وحتى إذا أمكن التغلب على هذه الصعاب فان كثيرين من الناس يعتقدون أن الإمبراطورية إذا استحالت وحدة مالية مستقلة عن غيرها أصبحت سبباً للاحتكاك والحرب بدل أن عاملاً من عوامل السلم، وإن إتباع سياسة الاكتفاء بالنفس والاستقلال عن الغير إلى هذا الحد الكبير يجر الخراب على العالم، ومن الناس من يعتقد أن بريطانيا نفسها لا تستطيع وهي آمنة أن تغامر هذه المغامرة الخطرة فتضحي بثلثي تجارتها مع البلدان الأجنبية لكي تنمي الثلث الباقي وهو تجارتها مع سائر أجزاء الإمبراطورية

على أن الجدل الذي قام حول هذه المشكلة المالية لا يمت بصلة إلى المشكلة الأخرى الكبيرة التي قد تطغى عليها المشكلة المالية وهي: هل يسمح أن تستمر عملية التفكك التي يلوح أنها أخذت تدب في جسم الإمبراطورية بعد الحرب دون أن تتخذ الوسائل لوقفها عند حد؟ وهل تستمر الإمبراطورية على إنها أخوة من الأمم لا يرتبط بعضها ببعض إلا برباط العواطف وأن يكون ما فيها من أداة للتعاون أقل صلاحاً للعمل من أداة عصبة الأمم وهي الهيئة التي ليس بين أعضائها من الروابط ما بين أجزاء الإمبراطورية؟ أو هل يستطاع إيجاد وسائط للتشاور والاشتراك في السياسة الخارجية والدفاع وحكم الشعوب المتأخرة وما اضطلعت به من إنماء موارد البلاد الواسعة من غير أن يمس ذلك استقلال أعضائها الداخلي بحال من الأحوال؟ إن هذا النظام إذا أنشئ لا يتعارض بطبيعة الحال مع الأغراض التي قامت من أجلها عصبة الأمم بل يقوى بناءها ويمكن أساسها، كما أنه لا

<<  <  ج:
ص:  >  >>