المتنصرين من أهوال ديوان التحقيق ورائع مطاردته وعقوباته؛ وهذه وغيرها من الوثائق والشذور التي ينقلها إلينا المقري في أزهار الرياض قد ضاعت أصولها، ولولا عناية المقري بنقلها لما ظفرنا بها
وهذان الأثران الكبيران هما أهم ما في تراث المقري. بيد أن للمقري ثبتاً آخر من الكتب والرسائل الأدبية والدينية انتهى إلينا معظمه؛ ومن ذلك:(إضاءة الدجنة في عقائد أهل السنة)، (فتح المتعال في مدح الفعال المتشرفة بخير الأنام). (حسن الثنا في العفو عمن جنى). (قطف المهتصر في أخبار المختصر)(عرف النشق في أخبار دمشق). (روض الآس العاطر الأنفاس في ذكر من لقيته من أعلام مراكش وفاس). (الدر الثمين في أسماء الهادي الأمين)، وغيرها
وقد كتب المقري معظم كتبه في القاهرة؛ والمرجح أنها كتبت جميعاً أو كتب معظمها قبل نفح الطيب، لأن المقري لم يعش بعد كتابته طويلاً كما رأينا؛ وكان المقري يحتل في المجتمع القاهري الأدبي مكانة رفيعة؛ ويكفي أن نذكر هنا ما وصفه به المحبي الذي ترجمه بعد ذلك بنحو نصف قرن:(حافظ المغرب. لم ير نظيره في جودة القريحة، وصفاء الذهن وقوة البديهة؛ وكان غاية باهرة في علم الكلام والتفسير والحديث، ومعجزاً باهراً في الأدب والمحاضرات)، والواقع أن المقري يكتب بأسلوب قوي، وبيان ساحر، يشهدان له بغزارة البلاغة في عصر كان الأدب العربي يجوز فيه مرحلة انحطاط قوي
وقد أخرجت مطبعة بولاق كتاب (نفح الطيب) كاملاً في ١٢٧٩هـ (١٨٦٢) في أربعة أجزاء كبيرة؛ وكان جماعة من المستشرقين على رأسهم العلامة دوزي قد عملت قبل ذلك لإخراج القسم الأول من كتاب نفح الطيب وهو الخاص بالأندلس بين سنتي ١٨٥٥ و١٨٦١ تحت عنوان ' ' ومهد لهذه الطبعة المستشرق دوجا بترجمة للمقري؛ وطبع نفح الطيب بالقاهرة بعد ذلك أكثر من مرة في أربعة أجزاء أيضاً على نسق طبعة بولاق ونشر في تونس الجزء الأول من إزهار الرياض في سنة ١٩٢٢؛ ونشرت بعض آثار المقري الأدبية، مثل كتاب (حسن الثنا في العفو عمن جنى)(القاهرة)، وظهرت في سنة ١٨٤٠ في لندن ترجمة إنكليزية ملخصة للقسم الأول من نفح الطيب بقلم المستشرق الأسباني الدون جاينجوس تحت عنوان:(تاريخ الدول الإسلامية في أسبانيا)