نسخة وحيدة من مسند ابن مرزوق المغربي كانت ضمن هذه المجموعة ولا تزال في الأسكوريال، وكذلك يستقي معظم رواياته عن سقوط غرناطة وعن العرب المنتصرين من كتاب (أخبار العصر في انقضاء دولة بني نصر) ومنه نسخة وحيدة أيضاً في الأسكوريال
ولا يتسع المقام هنا لاستعراض المصادر العديدة التي نقل عنها المقري، ما ضاع منها، وما يزال قائماً؛ ويكفي أن نقول إن طائفة كبيرة من المصادر الأندلسية الجليلة التي ينقل عنها قد اختفت ودرست معالمها؛ ومن ذلك تاريخ ابن حيان الكبير مؤرخ الأندلس، وتواريخ الحميدي، والحجاري، وابن بشكوال والرازي وغيرهم، وكتب عديدة لابن الخطيب، وقد بقيت من تاريخ ابن حيان قطعة صغيرة نشرت أخيراً؛ ووجدت منذ أعوام بالمغرب نسخة كاملة من كتاب الذخيرة لابن بسام، وفيما عدا ذلك لم يظفر البحث الحديث بشيء من تلك المصادر الجليلة التي ينقل إلينا المقري عنها بسخاء يزيد اليوم في فضله وفي أهمية كتابه
ويتصل بمجهود المقري عن الأندلس كتابه (أزهار الرياض، في أخبار القاضي عياض)؛ وهو سفر كبير يخصصه لترجمة الفقيه الكبير عياض السبتي، واستعراض آثاره، على نحو ما يُكتب عن ابن الخطيب في نفح الطيب؛ بيد أنه يستطرد كعادته، ويذهب في الحديث شجوناً شتى، وينقل إلينا بعض الأقوال والوثائق المتعلقة بسقوط غرناطة وتاريخ الموريسكيين أو العرب المتنصرين، ولهذه الوثائق على قلتها وإيجازها أهمية خاصة، لأنها كل ما انتهى إلينا من الرواية الإسلامية في هذا الموطن، وهي أقوال معاصرين للمأساة شهدوا بعض حوادثها بأعينهم أو سمعوا أخبارها في الضفة الأخرى من الأندلسيين الوافدين على المغرب؛ منها رسالة لمجهول يظهر انه من معاصري سقوط غرناطة يصف فيها نقض ملك قشتالة لعهوده إزاء المسلمين، وما اتخذه النصارى من وسائل الإرغام والقهر لإكراه المسلمين على التنصر، وما فرضته محاكم التحقيق (التفتيش) على المخالفين من العقوبات المروعة؛ ومنها قصيدة طويلة لابن العباس أحمد الدقون أحد علماء المغرب في القرن التاسع الهجري عنوانها (الموعظة الغراء بأخذ الحمراء) يرثي فيها الأندلس؛ ومنها أيضا وثيقة ذات أهمية تاريخية خاصة؛ وهي رسالة كتبها أندلسي منتصر عقب سقوط غرناطة، إلى بايزيد الثاني سلطان الترك يستغيث به ويستصرخه لنصرة إخوانه العرب المتنصرين، ويصف له في شعر قوي التعبير على الرغم من ركاكته، ما يصيب العرب