بينهما دانتي روح صديقه بيلاكوا، الذي يحدثه أنه استحق أن يكون خارج الفردوس دهراً لأنه لن يعجل بالتوبة قبل موته إلا حين أدركه المنون. (٥) وينطلقان، فيلقيان أفواجاً ممن لم يعجلوا لتوبتهم فأمهلوا عن دخول الفردوس كما أمهل بيلاكوا. (٦) ويلقيان أفواجاً أخرى فتتكبكب حول دانتي، تتألم وتبكي، وترجوه إذا عاد إلى الدار الأولى، أن يبلغ أهليهم تحياتهم، وأن يرجوهم أن يستكثروا لهم من الصلاة والدعاء، عسى أن يخفف عنهم، وأن يعجل بهم إلى الجنة!! ويعجب دانتي، ويسائل فرجيل (وماذا تفيد هؤلاء صلوات أهليهم؟ وهل للإنسان إلا ما سعى؟)، ولكن فرجيل يذكر بياتريس ويذكر أن صلاة دانتي قد نفعتها، وقد عجلت بها إلى الفردوس. ثم يلقيان سوردللو، فيشكو إليه دانتي تدابر الإيطاليين وتقاطعهم وقلة اهتمامهم بجمع كلمة إيطاليا وإنهاض الإمبراطورية الرومانية. (٧) ويرخي الليل سدوله فيتقدم سوردللو ليهديهما سواء السبيل فيدلهما إلى منعرج مزهر يريان فيه أرواح بعض الملوك والأمراء كالإمبراطور رودولف، وأوتوكار ملك بوهيميا، وهنري الثالث ملك إنجلترا. . . الخ. . . ويتحدث دانتي إلى بعضهم (٨) ويتنزل ملكان عظيمان من السماء، في يد كل منهما سيف من نور فيحرسان الوادي، ولكن سوردللو يستأذنهما فيأذنان له، فيقود الشاعرين إلى شِعب جميل يلقى فيه روح نينو قاضي جاليورا فيكلمه دانتي في بعض ما كان من مشكلات الدنيا، ثم يلقى أحد إخوانه من الموتى فيتنبأ له عما سيلقاه من نفي وتشريد ونزح عن الديار حين يعود إلى الدنيا (٩) وينام دانتي، ثم يصحو بعد الشروق بساعتين فيجده قد حمله من يدعى لوسيا إلى باب المطهر حيث يأذن لهم حارسه، وهو من الملائكة، باجتيازه. (١٠) ولا ندري كيف ينتكس دانتي فيعطينا في المطهر صورة من أبشع صور الجحيم في هذا الفصل العاشر. . . فبعد أن يجتازوا (سوردللو وفرجيل ودانتي) طريقاً حلزونياً حول صخرة كبيرة يشرفون على واد سحيق مكتظ بأهل الكبرياء والخيلاء من موتى الدار الفانية وقد وقفوا فيه وفوق كواهلهم حجارة ضخمة من الرخام ينوؤون تحتها ويتضاغون ويبكون! (١١) ويمرون بأقوام من أهل الدنيا الفانية قضى عليهم كِبْرهم أن يؤخروا في منزلق صعب عن الجنة جزاء صلفهم في دار الغرور (١٢) ثم يتقدم إليهم ملك فينقلهم من دارة المطهر الأولى إلى دارته الثانية. (١٣) حيث أهل الحسد والحقد والغيرة. . . وقد خيطت أعينهم بسلوك من حديد، ويجد دانتي من