للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أدمون على سره حتى إذا فر دونه استطاع الحصول عليه

ثم توفي الأب فاريا فجأة؛ وكانت العادة أن السجين المتوفى يكفن ويلقى في البحر، فدبر أدمون وسيلة عجيبة للفرار خلاصتها أنه بعد أن كُفن الأب فاريا، وترك في مخدعه حتى موعد إلقائه، نفذ أدمون إلى ذلك المخدع من الثلمة الشهيرة، ووضع نفسه في الكفن مكان الأب المتوفى، ووضع الجثة في مخدعه؛ وانتظر حتى جاء عمال السجن وحملوه، وهو مستتر بالكفن وألقوه إلى البحر ظناً أنه هو الأب المتوفى؛ فاستطاع أن يخرج من كفنه، وأن يسبح حتى الشاطئ؛ ونجا بتلك الوسيلة العجيبة؛ وسافر إلى الجزيرة، وبحث عن الكنز المنشود حتى عثر به، وتسمى بالكونت دي مونتي كريستو، وعاش في بذخ عجيب، وهو يعمل للانتقام من أعدائه الذين أوقعوا به حتى أفناهم أو نكبهم جميعاً

تلك هي الحوادث والسير العجيبة التي يثيرها منظر ذينك المخدعين المروعين المتجاورين في حصن إيف: مخدع أدمون دانتيس وزميله الأب فاريا

ولقد ذكرنا منظر حصن إيف بحصن أقدم وأروع يماثله في النشأة والغاية هو حصن سانت أنجلو في رومة، وهو معقل هائل يرجع إلى العصور الوسطى، وبه مخادع مظلمة مروعة كانت معقلاً لطائفة من الأكابر، مثل بنفو نوتوتشلليني الفنان الشهير، والعلامة جوردانو برونو؛ وكان مدى عصور سجناً رسمياً لديوان التحقيق (التفتيش) الروماني، وكان مسرحاً لكثير من المآسي الدموية وحوادث الفرار الشائقة

هذا بعض ما أوحته المناظر والمشاهد المرسيلية إلى الخاطر. ومما يجدر ذكره بهذه المناسبة قصة (البقشيش) (البوربوار) التي قرأنا عنها في الصحف قبل السفر، وعلمنا أنها كانت موضع اهتمام خاص من الوزارة الفرنسية الجديدة؛ فقد استصدرت وزارة مسيو ليون بلوم من البرلمان في أوائل يونيه تشريعاً يقضي بإلغاء (البقشيش) في جميع فرنسا، وذلك لما رأته من تغلغل هذا الداء في جميع المعاملات تغلغلاً يجعله أشبه بضريبة غير رسمية؛ وقد اعتقدنا حين وصلنا إلى مرسيليا أننا تخلصنا من هذا الداء المنغص بفضل المسيو ليون بلوم، فإذا نحن واهمون، وإذا البقشيش لا يزال عماد المعاملة في كل خطوة، وكل شيء وكان أول ما لفت نظرنا في الفندق إعلان جاء فيه: إنه نظراً لإلغاء البقشيش فقد رأت الإدارة أن تضيف إلى جملة الحساب عشرة في المائة نظير الخدمة! فتساءلنا عندئذ ما الذي

<<  <  ج:
ص:  >  >>