لغزا على التاريخ، والذي يعتقد فولتير أنه أخ غير شرعي للويس الرابع عشر، قضى بسجنه وإخفاء وجهه بقناع دائم حتى لا يعرفه إنسان قط. ومنهم (ميرابو) خطيب الثورة الفرنسية، و (فيليب دورليان) ابن عم لويس السادس عشر، و (لويس فيليب) الذي تولى الملك فيما بعد، وغيرهم من الزعماء والأكابر الذين سطرت أسماؤهم جميعاً فوق الغرف التي سجنوا فيها
ومن ذكريات (ايف) المروعة تلك المخادع الشاسعة المنخفضة التي تسمى (بمخادع النسيان) والتي كان يزج إليها بعض المغضوب عليهم، فلا يذكرهم بعد ذلك أحد من أولى الشأن، وربما تركوا فيها حتى يهلكوا في غمر الظلام والنسيان
بيد أن لحصن (ايف) ذكرى شهيرة أخرى، أوحت إلى اسكندر ديما أعظم قصصه وأبدعها ونعني قصة (الكونت دي مونتي كريستو)
مَن مِن عشاق القصص الرائع لا يعرف (الكونت دي مونتي كريستو) تلك الشخصية العجيبة التي خلقها اسكندر ديما من شخصية أدمون دانتيس سجين شاتوديف؟ ومن ذا الذي لا تطربه وتشجيه محنة أدمون في سجنه السحيق، وقصة اتصاله بالأب فاريا صاحب الكنز العجيب، ثم فراره من أسره الهائل بعد مخاطرات مروعة، وحصوله على كنوز جزيرة (مونتي كريستو) وظهوره بعد ذلك على مسرع الحوادث في ثوب تلك الشخصية الخرافية التي يفيض من حولها الذهب والجوهر؟
في حصن إيف وكر صغير مظلم قد في الصخر، وفيه ثلمة صغيرة تصل بينه وبين مخدع آخر في مثل روعته وظلامه؛ ففي أواخر عهد نابليون زج أدمون دانتيس في المخدع الأول بتهمة مؤامرة ملفقة؛ وكان جاره في المخدع الثاني راهب شيخ يدعى الأب فاريا سجن قبله بأعوام طويلة لأسباب مجهولة؛ ولبث أدمون أعواماً يرسف في وكره، وهو يدبر وسائل الفرار حتى وفق إلى حفر ثلمة صغيرة في جدار كان يظن أنه يفضي إلى فناء السجن أو إلى البحر، ولكنه ألفاه يفضي إلى مخدع مجاور، فتعرف بجاره وشريكه في الأسر، الأب فاريا، ووثقت بينهما المحنة أواصر الصداقة؛ وكان الأب فاريا قد وقف قبل محنته من وثائق كانت في حوزة بعض الأحبار على سر كنز عظيم من المال والجوهر خبأه الكردينال سبادا في جزيرة (مونتي كريستو) على مقربة من الشواطئ الإيطالية، فأطلع